انتقل إلى المحتوى

كيف أفقد المهندس "المتخفي" الاحتلال الإسرائيلي أمنه؟

من ويكي الأخبار

السبت 7 يناير 2017


أخبار ذات علاقة

في إحدى ليالي شتاء العام 1995، داهمت قوات كبيرة من جنود الاحتلال والقوات الخاصة حي "الضاحية" شرق نابلس، وشرعوا بإطلاق النار في الهواء وقنابل الصوت في الطرقات والزقاق.. كان عدد الجنود أكثر من أن يحصى، فقد جاءوا من الجهات الأربع كجراد منتشر، منهم من جاء بصخب ومنهم من جاء بحذر وتسلل.. جاءوا من فوقنا ومن أسفل منا.. براً وجواً أقلتهم المركبات وطائرات الهليكوبتر.

مشهد، يرويه الصحفي أحمد البيتاوي، عبر تدوينة له على موقع التواصل فيسبوك، شاهداً على موقعة من حكايا البطولة التي رسمت معالم المهندس الشهيد يحيى عياش، الذي سجل أهدافا عدة في مرمى الاحتلال في قدرته على الاختفاء والمراوغة، إلى جانب قدرته على العمل المقاوم في قالب من السرية.

يقول الصحفي البيتاوي، كنت صغيراً بالتأكيد ولكنني لا زلت أتذكر صيحات الجنود عبر مكبرات الصوت.. أصوات الأعيرة النارية المتقطعة..قنابل الصوت وتفجير الأبواب.. نباح كلابهم المدربة المسعورة.. فيما حوّلت قنابل الإنارة الليل نهارا.. وبعد انقشاع غبار المعركة، وانتهت دون أن نعرف أسبابها ودوافعها، إلا أنه في صبيحة اليوم التالي بدأ الغموض يتبدد حين ذكرت الإذاعة العبرية أن العملية استهدفت تصفية المهندس يحيى عياش الذي استطاع الإفلات بأعجوبة من قبضة جنود الاحتلال....

ويضيف: لا زلت أتذكر القصص والحكايا التي نسج المواطنون فصولها عن طريقة مغادرة عياش من المنطقة، بعضهم قال إنه تمكن من الانسحاب متخفياً بزي امرأة عجوز، في حين ذكر آخرون أنهم شاهدوا قبل بدء الاجتياح شاباً يرتدي زي دهّان يضع على رأسه قبعة ويحمل سلماً، بينما رجح فريق ثالث عدم وجوده في المنطقة أصلاً...

المهندس المتخفي

[عدل]

شكّل يحيى عياش حالة غريبة وعجيبة لدى الأمن الصهيوني، فاستطاع أنّ يشق طريقه متنقلاً بحرية أمنية بشخصيات مختلفة، حيث زعم الاحتلال في حينه أنّ عياش استطاع التنكر في أكثر من 17 شخصية مختلفة.

وبهذا الصدد يقول المحلل السياسي محمود مرداوي، إنّ "العدو الصهيوني كان يمارس كل المحاولات من أجل ملاحقة يحيى عياش وإلقاء القبض عليه، إلا أنّه فشل، وذلك جراء ما كان يتمتع به عياش من حس أمني عال، وقدرة سرية فاقت قدرات الاحتلال وأعجزته، وتجاوزت إجراءاته".

ويؤكد مرداوي، أنّ عياش كان يتمتع بقدرة على التخفي وحماية الذات، وحماية كل الهيكلية التنظيمية العسكرية الرديفة له، ويقول: "ما كان يميزه أنّه كان يهاجم ولم يكن في موطن الدفاع فقط، وكان يشكل للاحتلال ومستوطنيه حالة رعب وهوس حقيقية".

تغيير السياسات

[عدل]

ويشير الصحفي أيمن الرفاتي، أنّ عمليات العياش أدت لضرب أهم المقومات الإستراتيجية لبقاء الكيان الصهيوني، ألا وهي الهجرة من الخارج لأرض الرفاهية "إسرائيل"، حيث أشارت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الإحصاء الصهيوني خلال فترة نشاط العياش وعملياته لانخفاض كبير وملموس في عدد المهاجرين.

وفرض المهندس على أجهزة الأمن الصهيونية في حينه، تغيير سياساتها الأمنية ووسائلها في التعامل مع المقاومة، بعدما كشف حجم ضعف ووهن الأجهزة الأمنية الصهيونية بعد تمكنه من التخفي عن عيونهم في ظل السيطرة الأمنية الكاملة على كل الأزقة والمخيمات الفلسطينية لفترة طويلة.

"وقد تمكن المهندس من توجيه ضربات عسكرية وأمنية مؤلمة، قلبت معادلة الصراع نحو المواجهة المتقدمة مع الاحتلال، وضربه في عمقه" كما يقول الرفاتي.

أيقونة المقاومة

[عدل]

ويوضح مرداوي أن "يحيى عياش استطاع أن يحرم العدو الصهيوني من فكرة التوسع والتبجح على الأرض الفلسطينية، فقد نجح في نقل المعركة من الضفة إلى داخل فلسطين المحتلة عام 1948".

وهو ما أكّده أيضاً، المتابع للشأن الصهيوني، الصحفي أيمن الرفاتي، الذي أشار إلى أنّ عياش كان من أوائل من فرضوا على الكيان الصهيوني إعادة النظر في نظريته الأمنية القائمة بالأساس على نقل المعركة خارج الكيان، حيث تمكن من نقل المعركة للمرة الأولى لقلب الكيان بشكل حقيقي من خلال العمليات الاستشهادية الفدائية".

وأوضح مرداوي، أنّ عياش يمثل "أيقونة المقاومة" الفلسطينية، فاستطاع بجهاده وعمله الدءوب على أن يزرع الخوف والهلع في قلوب الصهاينة، وأن "يبني مدرسةً لا من الطوب بل من الرجال، والأساليب العسكرية والأمنية الاحترافية" يقول الأسير المحرر.

وأضاف: "الشعب الفلسطيني ما زال يكرس هذه المفاهيم لمدرسة العياش، فالعدو الصهيوني كان يتوسع على حساب الفلسطينيين والعرب، بعد يحيى عياش وكتائب القسام والمقاومة عموماً، انكمش هذا العدو".

ويؤكد مرداوي، أنّ العدو بدأ يتراجع حيث يبحث عن حدود داخل الحدود، وأسوار داخل التجمعات، وقيود وإجراءات أمنية مشددة على الحواجز والمعسكرات المستوطنات، "كل ذلك جاء من خلال المدرسة والمفاهيم التي غرسها عياش، أنّ هذا صراع حضاري شامل، فلابد  من مواجهته بهذا الشكل" كما قال.

مصادر

[عدل]