وداعًا رِنِن راز مناهض الاستعمار والناشط المثليّ الإسرائيليّ المحبوب

من ويكي الأخبار

الثالث 15 نوفمبر 2016


“أنا منزعج قليلاً من فكرة أن هذه هي ساعاتي الأخيرة على هذا الكوكب، أنّهم سيضعونني للنوم، وسيودّعني بعضكم يا أصدقائي الوداع الأخير، للمرّة الأخيرة.” هذه ما كتبه الناشط الإسرائيلي رنن راز لصديقه ورفيقه الناشط روني باركان قبل أقلّ من سنة، في العشرين من ديسمبر/كانون الأوّل ٢۰۱٥، عندما كان على وشك الخضوع لعمليّة جراحيّة حرجة قد تنقذ حياته، وقرّر الاتصال بالأصدقاء و الأحبّة في حال سارت الأمور على نحو سيئ. وبعد مرور أقلّ من سنة على ذلك، في الرابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأوّل، توفّي راز في الثامنة والعشرين من عمره.

كان لدى راز المزيد ليقوله لأصدقائه العام الماضي أيضاً:

«النص الأصلي:I know I didn't do much in my 27 years of living, but it was the best I could do, and looking back I am proud of myself. I hope that if it is really my Last Breath I wish it can do more, to people living under a constant fear, and fighting for a better life. For them and their community. For animals and humans as one. I am fascinated by the thought of writing when I know I am taking a risk […] that might be not the best one, but it [is] something [that] need[s] to be done, and I cannot wait. Sitting on a bed which is not my own. And thinking of leaving this world beyond is not a happy place to be in. I am still young, and can offer more to my few friends, and to all the activities in which I take part. If it's the struggle in Palestine, for equality, justice, BDS [Boycott, Divestment, Sanctions]. For my life as LGBT… I never was in love, and maybe only in the very last period of time. I felt part of something, a community, a group of friends, that love care for me, and we respect each other. […] But I feel strong inside of me, just as many other time in my life so far, I am strong because I push myself to be a better man.»

«ترجمة:أعلم أنّني لم أنجز الكثير خلال ٢٧ عامًا من العيش، لكنّي فعلت أفضل ما بوسعي، وأجدني فخورًا بنفسي عندما أفكّر بذلك. إن كان هذا حقًّا هو آخر أنفاسي، فأتمنّى أن يحقق المزيد لمن يعيشون في خوفٍ دائم، ويناضلون من أجل حياةٍ أفضل لهم ولمجتمعهم. للحيوانات والبشر على حدٍّ سواء. أنا مفتون بفكرة الكتابة مدركًا أنني أخاطر[…] قد لا تكون أفضل المخاطرات، لكنّه شيءٌ يجب القيام به ولا يمكنني الانتظار؛ فلست سعيدًا بالجلوس في سريرٍ ليس لي مع التّفكير في ترك هذا العالم ورائي؛ ما زلت شابّاً، وبوسعي أن أقدّم المزيد لأصدقائي القلائل، ولكلّ القضايا التي أشارك فيها سواءً كانت النضال في فلسطين، المساواة، العدالة أو بي دي إس (مقاطعة، فضح، عقوبات). أما عن حياتي ضمن مجتمع المثليّين والمتحوّلين جنسيّاً فأنا لم أقع في الحب أبداً، وربّما في الفترة الأخيرة فقط شعرتُ أنّني جزءٌ من شيءٍ ما.. من مجتمع.. من مجموعة أصدقاء، يحبونني ونحترم بعضنا البعض […] لكنّي أشعر بالقوة داخلي كما شعرت بها في العديد من المرات في حياتي حتّى الآن. أنا قوي لأنّني أدفع بنفسي لأكون إنسانًا أفضل.»

بدأت حكاية راز عندما كان ولداً يترعرع في كيبوتز دوروت قرب الحدود مع غزّة. ليصبح لاحقاً ناشطاً معارضاً للاستعمار و مثليّاً على نحوٍ منفتح. خلال مقابلة في ٢۰۱٤ يتذكّر راز كيف أثّرت تربيته في دوروت على توجّهاته السياسيّة:

«النص الأصلي:Le kibboutz était entouré de cactus, et il y avait des ruines aussi. Des ruines de l’ancien village palestinien qui était là, avant qu’Israël ne soit créé et qu’on expulse les Palestiniens. On ne parlait jamais de ça, des Palestiniens qui étaient là. Lorsque j’ai découvert pour la première fois ces ruines, on ne m’a pas répondu. J’ai donc cherché par mes propres moyens, et j’ai compris que nous occupions un pays, que l’endroit où je vis se situe sur des terres volées!»

«النص الأصلي:The Kibbutz was surrounded by cactuses, and there were also ruins. Ruins of the ancient Palestinian village that was here, long before Israel was created and Palestinians were expelled. We never talked about that, about Palestinians being here before. When I discovered these ruins for the first time, my questions weren't answered. So I looked for answers on my own, and I understood that we were occupying a country, that the country I ive in is built on stolen land!»

«ترجمة:الكيبوتز كانت محاطة بالصّبار، وكانت هناك أطلالٌ أيضاً؛ أطلال القرية الفلسطينيّة القديمة التي كانت هنا قبل زمن طويل من قيام إسرائيل وطرد الفلسطينيّين. لم نتكلّم أبداً عن ذلك؛ عن وجود الفلسطينيّين أقصد. عندما اكتشفت هذه الأطلال للمرّة الأولى لم أتلقى إجاباتٍ لأسئلتي، فبحثت عنها بنفسي وفهمت أنّنا نحتل بلدًا، أنّ البلد الذي أعيش فيه بُني على أرضٍ مسروقة!»

راز كان “ ريفيوزنك“، وهو مصطلح مرتبط تاريخيّاً باليهود السوفييت الذين مُنِعوا من الهجرة إلى إسرائيل ولكنّه يشير الآن إلى اليهود الإسرائيليين الرافضين الانضمام إلى قوّات الدّفاع الإسرائيلية احتجاجاً على دورها في الاحتلال الإسرائيلي. على سبيل المثال في ٢۰۱٤ قام ثلاثة وأربعون جنديًّا من قوّات الدّفاع الإسرائيلية بكتابة رسالة مفتوحة إلى رئيس وزراء إسرائيل بنجامين نتنياهو معلنين فيها رفضهم تأدية “الخدمة” في الأراضي المحتلّة. وفي ٢۰۰٢ نشر سبعة وعشرون طيّارًا احتياطيًا رسالةً يرفضون فيها التحليق في طلعات اغتيال جوّيّة فوق غزّة بعد أن قُتِل أربعة عشر مدنيًا من بينهم أطفال، وبالرغم من أن مبادرة كهذه ليست جديدة في إسرائيل، إلا انها ليست شائعة كذلك.

كعضوٍ في المجموعة الإسرائيلية “ مقاطعة من الداخل” الداعمة لنداء “مقاطعة، فضح، عقوبات” الفلسطيني ضدّ إسرائيل، و” فوضويّون ضّد الجدار” نظّم راز “ جولات مناهضة التفرقة العنصرية” لنشر الوعي بقضية الاحتلال، خلال نشاطه كتب رسالةً مفتوحةً إلى شركة مسرح تنوي أداء أحد عروضها في إسرائيل قائلًا:

«النص الأصلي:I'm writing to you because I'm compelled to act in solidarity with my Palestinian friends, who are living under Israeli occupation and apartheid.

[…]

Remember my Palestinian friends who are living under Israeli military occupation will not be able to attend your show because they are not permitted to enter Israel!

Please don't collaborate with oppression and racism.

Please don't play for apartheid.

Please choose justice for us all.»

«ترجمة:أراسلكم لأنّني مضطرٌّ للتضامن مع أصدقائي الفلسطينيّين الذين يعيشون تحت الاحتلال والتفرقة العنصرية الإسرائيليّة.

[…] تذكّروا أنّ رفاقي الفلسطينيّين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي لن يستطيعوا حضور حفلكم لأنّهم ممنوعون من دخول إسرائيل! أرجوكم ألا تساندوا الظّلم و العنصريّة. أرجوكم ألا تؤدوا عروضكم باسم التفرقة العنصرية. أرجوكم أن تختاروا العدالة لنا جميعاً.”»

وقف راز داعماً أيضاً لحقوق المثليّين والمتحوّلين جنسيّاً وكان واعياً بممارسات ال”pinkwashing” من قبل الحكومة الإسرائيلية.

كما تشرح مجموعة “مثليّون لتقويض الإرهاب الإسرائيلي”:

ال”pinkwashing” هو جزءٌ من حملة علاقات عامّة إسرائيليّة كعلامة تجاريّة تسعى إلى ركوب الحركة المثليّة وتوجيهها نحو الترويج للتطهير العرقي للشعب الفلسطيني.

هذا الخطاب كما تفصّله آشلي بوهرر، الأكاديمية النسويّة اليهوديّة المثليّة، والشّريكة في تأسيس يهود من أجل العدالة في فلسطين:

“يهدف إلى إقناع الأمركيّين البيض والأوروبيّين أنّ دعم إسرائيل واجبٌ على النّساء والأفراد المحدّدين من مجتمع المثليّين والمتحوّلين جنسيّاً وكل من يساندهم.”

في أبريل/نيسان من هذا العام ذكرت 972mag ما يلي كمثال لممارسات الpinkwashing:

«النص الأصلي:The LGTBQ community in Israel is threatening to hold a huge demonstration instead of the internationally lauded annual Tel Aviv Pride Parade this year. The bold threat is the result of an announcement that the Tourism Ministry was budgeting NIS 11 million ($2.9 million) to promote the event overseas – 10 times the combined yearly budget of all LGTBQ organizations in Israel.»

«ترجمة:مجتمع المثليّين و المتحوّلين جنسيّاً في إسرائيل يهدّد بإقامة مظاهرة ضخمة كبديل لموكب تل أبيب للفخر السّنوي المعهود عالميّاً لهذه السّنة. جاء التّهديد الجرئ نتيجة تصريح وزارة السّياحة أنّها تخصّص ميزانيّة ٢.٩ مليون دولار أمريكي لترويج الحدث خارجاً -وهو مبلغ يمثل عشرة أضعاف الميزانيّة السنوية لجميع المنظّمات المتعلّقة بحقوق المثليّين والمتحوّلين جنسيّاً في إسرائيل.»

في يناير/كانون الثّاني من هذا العامّ غرّد راز على تويتر:

اقتباس فارغ!

«ترجمة:لماذا لا يعي أغلب نشطاء BDS (مقاطعة، فضح، عقوبات) ممارسات التفرقة العنصرية وطمس الحركة المثلية؟ حقوق المثليين والمتحولين جنسيًا هي حقوق إنسان أيضًا.»

وفي هذا المقطع يتحدث راز عن ال pinkwashing مع مجموعة بي دي إس في النمسا بتاريخ 11 سبتمبر 2015:

Whitewashing- Pinkwashing- Brainwashing//Real Life within the Israeli Apartheid System على يوتيوب

وهنا عن العسكريّة، القوميّة المتطرّفة، ورهاب المثليّة:

Renen Raz - Rassismus, Militarismus und Homophobie in Israel und die Boykott-Bewegung von Innen على يوتيوب

سرعان ما انتشرت أنباء وفاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعرب ناشطون فلسطينيّون وإسرائيليون عن تعاطفهم مع أصدقائه وأهله، محتفين به كناشطٍ كرّس حياته لقضاياه.

وأصدرت المنظّمة الإسرائيلية الفلسطينية العالميّة للتصوير ActiveStills بياناً تشهد فيه أنّ “رنن كان ملتزماً للكفاح ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، لاعبًا دوراً هامّاً في حملة المقاطعة من الداخل”، ونشرت صورتين لراز؛ الأولى لحظة إلقاء القبض عليه من قبل قوّات الدّفاع الإسرائيلية أثناء مظاهرة ضدّ احتلال قرية نبي صالح في الضفّة الغربية في ٢۰۱۱، والثانية خلال مشاركته في مسيرة الفخر في القدس الغربية في ٢۰۱۰.

اقتباس فارغ!

«ترجمة:نحن في أشدّ الحزن لخسارة الناشط رنن راز اليوم بسبب مرضه. أصدق تعازينا لعائلته.»

وصفه توفيق طحاني رئيس مؤسّسة التضامن بين فرنسا وفلسطين ب:

«النص الأصلي:Militant infatigable, il est rapidement devenu un contact important pour nos missions en Palestine, particulièrement pour le groupe jeunes de l’AFPS.»

«النص الأصلي:A tireless activist, he quickly became an important contact for our missions in Palestine, especially to our young members of AFPS»

«ترجمة:ناشطٌ لا يكلُّ. سريعًا ما أصبح نقطة اتصال هامة ببعثاتنا في فلسطين، خاصّةً مع الأعضاء الشباب في AFPS»

و تذكّره محمّد ماطر مؤسّس شباب غزّة ينتفضون:

«النص الأصلي:Renen was a wonderful anti-colonialist, anti-fascist, feminist, vegan, and anti-apartheid activist, despite the illness, he would not remain silent and didn't stop denouncing the atrocities of the zionist occupation. Among many others solidarity activities, Renen joined many of ours too.»

«ترجمة:رنن كان معارضاً بديعاً للاستعمار والفاشيّة، نسويّاً، نباتيّاً، ومناهضاً للتفرقة العنصرية. رغم مرضه لم يبقَ صامتاً و لم يتوقّف عن استنكار فظائع الاحتلال الصهيوني الوحشيّة، ومن بين العديد من قضايا التضامن، ساند رنن العديد من قضايانا أيضًا.»

و كتبت مجموعة دولة واحدة ديمقراطية والتي تنادي بتطبيق سياسة الدولة الواحدة كحلٍّ للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي:

«النص الأصلي:Our comrade Renen Raz passed away today after a long struggle with a difficult disease. His kind heart rebelled against all forms of injustice and violence.»

«ترجمة:توفّي رفيقنا رنن راز اليوم بعد صراعٍ طويلٍ مع مرضٍ مستعصٍ. تمرّد قلبه الطيّب على جميع أشكال الظلم والعنف.»

يونس أرار من هيبرون قال لأكثر من أربعين ألف متابع لحسابه:

«النص الأصلي:RIP Renen Raz, he was a true freedom, peace and justice fighter who dedicated his self for our just cause, you shall be missed and remembered…My deep condolences to his family, 24 October 2016.»

«ترجمة:فلترقد بسلام رنن راز. كان محارباً حقيقيّاً من أجل الحرية والعدالة والسلام. كرّس نفسه لقضيّتنا العادلة. سنشتاق إليك ونتذكّرك…

تعازيّ الحارّة لعائلته. ٢٤ أكتوبر/تشرين الأول ٢۰۱٦.»

هيثم خطيب، مصوّر مستقلّ من رام اللّه، قام بالمثل مع متابعيه:

«النص الأصلي:Rene was above all a kind man and friend and amazing activist who visited Bil'in many times to support our Palestinian freedom struggle! We are so blessed that he joined us and we keep him in our memory and hearts! Bless you Renen! May you find peace, and love and joy in the afterlife!»

«ترجمة:“رني كان قبل كلّ شيء رجلاً طيّباً وصديقاً وناشطاً رائعاً جاء لزيارة بلعين عدّة مرّات لدعم نضالنا الفلسطينيّ للحرّيّة! نحن محظوظون جدّاً بانضمامه إلينا وسيظلّ في ذاكراتنا و قلوبنا! بوركت يا رنن! نتمنّى أن تجد السّلام والحبّ والسّعادة في الآخرة!”»

حمدي أبو رحمة، مصوّرٌ آخر من رام اللّه، كتب:

«النص الأصلي:Rest in peace yaa habibi ,as he used to call me when we meet before the demonstrations against the Israeli occupation .»

«ترجمة:فلترقد بسلام يا حبيبي.. مثلما كان يناديني كلما التقينا قبل المظاهرات ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.»

يوواف بيرَخ، ناشط إسرائيلي وعضوٌ في المقاطعة من الدّاخل، كتب:

«النص الأصلي:נשמה יקרה עדינה ומתוקה כל כך

עזב אותנו הבוקר אחרי מאבק ארוך במחלה קשה»

«النص الأصلي:A sweet and delicate soul left us this morning after a long battle with his illness»

«ترجمة:روحٌ رقيقة وحلوة غادرتنا هذا الصّباح بعد صراعٍ طويلٍ مع مرضه.»

وأخيراً كتبت ناشطة حقوق الإنسان داليا في كيه رسالة وداع مؤثّرة على مدونتها؛ جزءٌ منها فيما يلي:

«النص الأصلي:Remember when we walked along the beach in Tel Aviv and you felt my heavy heart when I looked at the sea and you told me that this sea belonged to all Palestinians and one day we will all be able to see it again together?

Remember when you said you won’t stop until Palestine will be free?

I won’t stop for you.»

«ترجمة:“أتذكُر عندما كنّا نمشي بمحاذاة شاطئ تل أبيب واستشعرتَ ثقل قلبي بينما أنظر إلى البحر وقلت لي أنّ هذا البحر ملكٌ لجميع الفلسطينيّين ويوماً ما سنستطيع رؤيته سويّاً مجدّداً؟

أتذكُر عندما قلت أنّك لن تتوقّف حتى تتحرّر فلسطين؟

من أجلك لن أتوقّف.»

مصادر[عدل]