مسلمو الاتحاد السوفيتي السابق يتسابقون لدعم روهينجا ميانمار
الأثنين 11 سبتمبر 2017
شهدت جمهوريات شمالي القوقاز الروسية ودول آسيا الوسطى التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق اهتمامًا قويًا ومفاجئًا بالمعاناة التي تعيشها أقليات مسلمي الروهينجا المحاصرين في ميانمار خلال الأسابيع القليلة الماضية، تتشارك هذه الدول جميعها الدين الإسلامي وهو الدين الأكثر انتشارًا في هذا الإقليم.
طبقًا لما ذكرته منظمة الأمم المتحدة فإن هناك ما يزيد عن 270,000 شخص من مسلمي الروهينجا نزحوا من ولاية راخين في ميانمار قاصدين بنجلاديش بسبب حملات العنف المسلح المدعومة من قبل حكومة ميانمار خلال الأسبوعين الماضيين، هذا وتقدّر الجزيرة الإخبارية وهيئات الإغاثة عدد النازحين منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي بحوالي مليون نازح ينتمون لأقلية الروهينجيا.
كما انطلق عدد من المسيرات الضخمة في كل من موسكو وجروزني عاصمة الشيشان، تلك المسيرات المناهضة للعنف الواقع في ميانمار والتي تم الحشد لها من خلال تطبيق واتساب على ما يبدو، انطلقت على الرغم من موقف روسيا الرسمي المعلن بشأن ميانمار ، إذ كانت قد رفضت قرار مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة المتعلق بحملات العنف ضد مسلمي الروهينجيا في وقت سابق هذا العام. أما آسيا الوسطى التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي فلم تشهد أية مسيرات، رغم إلغاء المباراة التي كانت ستلعب أمام فريق ميانمار لأسباب أمنية وكذلك بسبب منشورات فيسبوك الحاشدة للمظاهرات؛ حيث رفعت عرائض وكتبت أشعار وفاض موقع فيسبوك بالمنشورات التي تدعم مسلمي الروهينجا.
الرجال مواقف
وفي موسكو حيث تخضع التظاهرات لرقابة صارمة، نُظمت المسيرات في الرابع والخامس من سبتمبر/أيلول الجاري من دون تصاريح؛ لذا بالرغم من أن الشرطة لم تلقِ القبض على أي من المتظاهرين في المسيرة الأولى مع تواجدها المكثف آنذاك إلا أنها احتجزت 17 متظاهرًا لفترة وجيزة في المسيرة التي تبعتها يوم الإثنين. ووفقا لما نقلته التقارير في الإعلام الروسي فإن مجموعات واتساب كانت هي مركز تنظيم تلك التظاهرات.
Митинг против геноцида мусульман Рохинья у посольства Бирмы в Москве على يوتيوب
الرئيس الشيشاني المثير للجدل رمضان قاديروف كان له دورًا قياديًا في تنظيم الردود على موجة العنف والاضطهاد المفاجئة المدعومة من قبل حكومة الدولة الجنوب شرق آسيوية. رمضان المعروف بموقفه المناهض للمثلية وخطبه النارية المؤيدة للرئيس فلاديمير بوتين استخدم وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج على صمت قادة الدول وعدم تحريكهم أي ساكن تجاه قضية ميانمار؛ ففي الرابع من سبتمبر/أيلول دعا رمضان قاديروف إلى مسيرة شارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين ــ وقد كانت المسيرة تهدف لحشد مليون متظاهر أو 80% من إجمالي عدد السكان على أقل تقديرــ في العاصمة الشيشانية جروزني. وفي يوم الثلاثاء، وبعد ثلاثة أيام من مسيرة جروزني أدلى قاديروف ببيان آخر له على موقع إنستاجرام أفاد فيه أنه لا ضرورة لتنظيم تظاهرات أخرى لأن المسيرات حققت هدفها وساهمت في رفع الوعي بقضية مسلمي الروهينجا.
عند تلك النقطة كان قاديروف قد لمَّح بأن على موسكو تكثيف ضغوطها على ميانمار كما زغم أنه لو كان بمقدوره أن يشن ضربة نووية على مضطهِدي الروهينجا لفعل.
ثم قال لاحقًا أن التعليقات — التي يصفها المحلّلون بالمقلقة لرؤسائه في الكريملين — اجتزأها أعداؤه من سياقها. وأن وزير خارجية روسيا قد حذر قبل ذلك في الثامن من يونيو/حزيران من ممارسة الضغوطات على ميانمار.
مع موقف رمضان قاديروف الثابت تجاه قضية ميانمار لا عجب من أن يكون صوت الشيشانيين الداعمين لقضية الروهينجا هو الأعلى على مواقع التواصل الاجتماعي الروسية، كما أن مستخدمي تلك المواقع في داغستان وإنجوشيتيا المجاورتين كان لهم صوتهم المسموع حتى كمواطنين مقيمين في جمهوريات الاتحاد الروسي الفيدرالي الأخرى ذات الأغلبية المسلمة، في حين تجاهلت جمهوريتا تتارستان وباشكورتوستان الأمر إلى حد كبير.
هذا الانحياز الواضح من دول شمال القوقاز قد انعكس بدوره على محرّك البحث الروسي الوطني ياندكس، موضحا ارتفاعا حادًا في عمليات البحث الإلكترونية عن ميانمار(Мьянма بالأبجدية السيريلية) في هذا الإقليم.
اقتباس فارغ!
اقتباس فارغ!
اتسم الدعم الموجه لقضية الروهينجا بالمفاجأة، فبين ليلة وضحاها تحولت الكثير من الصفحات التي تركز على القضايا الإسلامية على موقع في كونتاكت إلى قنوات دعوية مؤيدة للروهينجا على مدار الساعة. أغلب هذه الصفحات يديرها شيشانيون وهي موجهة أيضًا إلى المواطنين الشيشانيين.
وفد نشر أحد تلك التجمعات الإلكترونية ويدعى [V]Chechnye ([في]الشيشان) 43 رسالة على الأقل تتعلق بأزمة الروهينجا منذ الأول من سبتمبر/أيلول. وتضمنت تلك الرسائل مقاطع فيديو تهدف إلى توعية المسلمين بالفظائع التي ترتكب في حق مسلمي الروهينجا وطالب فيها بتوقيع عريضة على موقع Change.org، وتتضمن بعض هذه المقاطع مزاعم تفيد بأن مرتكبي أحداث العنف في حق المسلمين في المناطق البوذية في روسيا لا يعاقبون على أفعالهم؛ مثلما حدث في منطقة كالميكيا ( بعض هذه الحوادث قدمت في الإعلام الروسي منها إشعال مجهولين النار في غرفة للصلاة في إليستا عاصمة كالميكيا، وإلقاء رأس خنزير داخل مسجد في إحدى القرى).
هذا وقد ذهب البعض إلى أبعد من ذلك إذ قاموا باستقطاب متطوعين على الإنترنت “للجهاد” لإنقاذ إخوانهم في ميانمار.
و نشرت صفحة أوفرهيد ان شيشنيا منشورًا للفت أنظار المتابعين إلى مسيرة الرابع من سبتمبر/أيلول، مصحوبًا بإرشادات حول كيفية الحفاظ على استمرارية الحملة الإلكترونية.
«النص الأصلي:Они переживают то,на что мы даже смотреть не можем.
- Рахиньямыстобой
АЛЛАХУ АКБАР
Завтра (04.09) митинг в Грозном центральная мечеть !!
Не останьтесь равнодушными !!!!
Максимальный репост !!
Давайте все устроим митинг в соц.сетях!!! Все! Все! Все кто против геноцида в Мьянме! Неважно какой веры вероисповедания вы и нации!!!
Поставим на аву в Instagram, What’s App, VK и тд это фото! (Фото пересылайте вместе с текстом)
НЕ ЛАЙКАЕМ ФОТО И ВИДЕО ПО ДРУГОЙ ТЕМЕ! Чтобы в ленте популярных была только тема геноцида!!! Чтобы все видели!!!
РАСПРОСТРАНИТЕ О МИТИНГЕ В СОЦ СЕТЯХ ВСЕМ КОГО ВЫ ЗНАЕТЕ! Пусть весь мир знает что мы не оставим эту тему! И пойдем на все чтобы спасти невинных людей!!!
ХЕШТЕГ #РОХИНЬЯМЫСТОБОЙ»
«ترجمة:إنهم يمرون بما لا يمكن لشخص أن يتخيله
الله أكبر
غدًا الساعة ( 04:09) ستقام مسيرة بالقرب من المسجد الكبير في جروزني !!
لا تتجاهلوا الأمر !!!
انشروا بأقصى ما يمكنكم !!
فلننظم مظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي!! جميعنا !! كل من يرفض المذابح في ميانمار.
أيًا كان دينك، أيًا كان مذهبك أو جنسيتك.
غيّروا صورحساباتكم الشخصية على إنستاجرام وواتساب وفي كونتاكت .. إلخ وبدلوها بهذه الصورة (انشروا الصورة والنص المكتوب).
لا تبدوا إعجابكم بأي صور أو مقاطع فيديو ليست ذات صلة بحملتنا، حتى تتصدر أخبار المذابح الموضوعات الأكثر تداولًا.
حتى تنتشر المعلومات عن هذه المظاهرة بينكم وبين كل من تعرفوهم على مواقع التواصل الاجتماعي.. فلنعلم العالم أجمع أننا لن نترك القضية، نحن مستعدون لفعل أي شيء من أجل إنقاذ الأبرياء.
استخدموا الوسم التالي #ROHINGYAWEAREWITHYOU»
حتى مجموعة ماي برايفت إيه يو إل، وهي مجموعة على الإنترنت غير معروفة تضم مجتمع المثليين من شمالي القوقاز ــــ إحدى أكثر المجموعات التي تعاني الظلم والتهميش في روسيا ــــ نشرت نداءًا لتوقيع عريضة تخاطب فيها مبعوثي الأمم المتحدة في روسيا.
العريضة التي حصدت أكثر من 160,000 توقيع حتى وقت كتابة هذا المقال تحثّ سفير روسيا فاسيلي نيبينزيا على دعم قرار مجلس الأمن التابع لمكتب الأمم المتحدة بإدانة العنف في ميانمار بدلًا من استخدام روسيا والصين حق الفيتو كما حدث في وقت سابق هذا العام.
كرة القدم السياسية وقصائد الرثاء
وعلى الضفة الأخري لنهر قزوين، هناك في دول آسيا الوسطى شكّلت قديمًا جزءًا من الاتحاد السوفيتي السابق، أبدت ردة فعل قوية تجاه العنف الجاري في ميانمار، إذ ظهر هذا جليًا في قرغيزستان عندما ألغت الحكومة مباراة مع فريق ميانمار كانت ستقام استعدادا للتأهل للكأس الآسيوي لكرة القدم، وسط مخاوف من تهديدات إرهابية محتملة وحدوث صدامات مع لاعبي بورما.
اقتباس فارغ!
«ترجمة:تم تأجيل مباراة المجموعة الأولى بين فريقي 🇲🇲و 🇰🇬 لأسباب أمنية.»
هذا وقد وجد العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في قرغيزستان رد فعل الحكومة مبالغًا فيه، لكن القلق كان واضحًا على المسؤولين أثناء الاستعداد لإقامة المباراة بسبب انتشار دعوات لمقاطعة المباراة وتنظيم مظاهرة سلمية خارج الاستاد والوقوف لمدة دقيقة حدادًا على أرواح ضحايا الروهينجا قبل بدء المباراة.
كما قدم اتحاد كرة القدم – الذي امتلأت صفحته على فيسبوك بعبارات الاستهجان لميانمار وعبارات الدعم للروهينجا – التماسًا لرئيس وزراء قرغيزستان يطلب فيه التحقق من الحفاظ على النظام، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء يلغي المباراة على الفور.
«النص الأصلي:Мы себя позиционирует,как дружелюбный и гостеприимный народ!!! Мы скорбим и неприемлем,как и все,то,что происходит с мусульманами в Мьянме! Но…Давайте 5 сентября покажем,что мы не поддаёмся провокациям, давайте дружно поболеем за наших ребят!»
«ترجمة:نحن دولة صديقة مضيافة؛ إننا أيضًا نرفض ما يحدث ونشعر بالأسى تجاه ما يقاسيه المسلمون في ميانمار، ومع هذا دعونا نظهر يوم 5 سبتمبر أننا لا ننساق وراء الاستفزازات؛ فلندعم أهلنا في ميانمار ولكن بطريقة سلمية.»
ليس كل القرغيزيون منبهرين بالرسائل المؤيدة للروهينجا على مايبدو، فقد نشرت مجموعة تسمي نفسها نحن مع قرغيزستان علمانية ديموقراطية (Мы за СВЕТСКИЙ, ДЕМОКРАТИЧЕСКИЙ КЫРГЫЗСТАН! باللغة الروسية) منشورًا ألقت فيه الضوء على مشاعر الإحباط التي انتابت البعض بسبب منشورات التعاطف الإسلامية التي كتبت فقط “لحصد الإعجابات والتعليقات”.
كانت أحداث ميانمار أيضًا مصدر إلهام للقصائد الغنائية استطاع بها الطاجيكيون أن يثبتوا وجودهم؛ قعندما ركز أحد المواقع على دولة طاجيكستان وجد خمسة قصائد طاجيكية على أقل تقدير منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تركز في مضمونها على المأساة الجارية في ميانمار:
فقد كتبت الشاعرة شوريا راهيمجون تقول:
«النص الأصلي:Ман меравам, Миянмар!
То Бирмаро бигӯям, бечора хоҳарамро
(Уммедвор ҳам ҳаст) навмедтар насозад…
Қавми маро насӯзад,
Ҷони маро набозад.
Ман меравам ҳаминак….
То Бирмаро кашонам
Бар остонаи адл- бар боргоҳи бахшиш»
«ترجمة:سأذهب إلى ميانمار!!
لأقول لبورما لا..
لا تسلبي أختي المسكينة الحبلى أملها
لا تحرقي وطني
لا تسلبيني الروح
سأذهب الآن
لآخذ بورما معي لدار القصاص
وآخذها معي لبيت الغفران»
وبالرغم من أن المظاهرات التي حدثت في جروزني وموسكو كان لها دور في جذب انتباه دول وسط آسيا إلى قضية الروهينجا، لكن يجدر القول أيضًا أن تضامنهم مع مسلمي ميانمار هو في الأساس فرصة لهم للدفاع عن أنفسهم.
إذ أنه وبالرغم من كون هذه الدول الخمس (كازاخستان، طاجيكستان، قرغيزستان، أوزباكستان، تركمانستان) تحظى بأغلبية مسلمة إلا أنها جميعًا تديرها حكومات علمانية عنيفة تخشى تقويض سلطتها بسبب تنامي ظاهرة التمسك بالدين.
ففي الأسبوع الماضي حظرت طاجيكستان الحجاب في المدارس كليًا وغمرت شركات الهواتف المحمولة المواطنين برسائل قصيرة تشدد على ضرورة ارتداء ملابس لا تظهر الهوية الدينية. أما البلاد المجاورة مثل أوزباكستان وتركمانستان فتسميها وزارة الخارجية الأمريكية بالدول ‘ذات الشواغل الخاصة‘ فيما يتعلق بالحرية الدينية، لكن يبدو مع ذلك أن دولة كازاخستان في طريقها لأن تسلك نفس المنحى.
بالنسبة لمواطني تلك الدول فإن معاناة مجتمع بعيد جغرافيًا يعتنق نفس دينهم قد منحتهم الفرصة لإبداء قلقهم بشأن الظلم المرتكب في حق المسلمين حول العالم دون الخوف من العواقب.
أما بالنسبة لرمضان قاديروف وفي الشيشان عامة ربما تمثل مأساة الروهينجا شيئًا أكبر من هذا، قد تمثل محاولة للحصول على القوة والنفوذ في العالم الإسلامي.
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «مسلمو الاتحاد السوفيتي السابق يتسابقون لدعم روهينجا ميانمار». الأصوات العالمية. 11 سبتمبر - أيلول 2017.
شارك الخبر:
|