سيف والخواجة: أسرتان تقفان بثبات من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية / أسرة سيف

من ويكي الأخبار

الخميس 15 يناير 2015


هذه قصة أسرتين من بلدين مختلفين تميزتا بنفس السعي من أجل حقوق الإنسان على الرغم من الكلفة الشخصية الباهظة. الأسرة الاولى من مصر، في حين أن الثانية من البحرين. تم تمرير الدفاع عن حقوق الإنسان من جيلٍ إلى آخر في هاتين الأسرتين وذلك بواسطة الرجال والنساء الشجعان، والذين يقبع البعض منهم في السجن بأحكام طويلة بسبب ثباتهم على معتقداتهم. في هذا المقال نتحدث عن العائلة الأولى في مصر.

القسم الأول من مصر

عائلة سيف

أحمد سيف

أبدأ برجل الأسرة الأول المناضل الحقوقي، نصير الفقراء، المتواضع بطبعه والكبير بإنجازاته أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح. إن الصورة التالية له عميقة المعاني وتلخص ما عمله في حياته الزاخرة بالمواقف الإنسانية، فقد واجه بقوة وثبات السلطات المتعاقبة في مصر بكل وسائلها القمعية ليدافع عن سجناء الرأي فينتصر لهم:

بتاريخ 4 سبتمبر / أيلول 2012، كتب أحمد سيف في مدونته خربشات عن وفائه لمبادئ حقوق الإنسان وحلمه الكبير في الحرية بمصر واثقًا بانه حلم قابل للتحقيق:

«النص الأصلي:عهدا ان اجتهد لأظل وفيا لمعايير حقوق الانسان الدولي

عاونوني لأنجز المهمة

قد اكون حالما فلم لا ألم تكن ثورتنا حلم بعيد المنال»

وفي 9 ديسمبر/ كانون الأول، تحدث لمنظمة العفو الدولية عن العلاقة الوثيقة بين حقوق الأنسان والكرامة الإنسانية فقال:

«النص الأصلي:بالطبع عندما انخرطت أكثر في العمل من أجل حقوق الإنسان، تبين لي أنه ميدان أوسع بكثير من التعذيب، مع أن كل هذا ينبع من القاعدة الأصلية الأساسية التي يعلي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شأنها، وهي احترام الكرامة الإنسانية. فكل ما ينتهك الكرامة الإنسانية انتهاك لحقوق الإنسان.»

هناك نقاط كثيرة مضيئة في حياة هذا الإنسان الرائع، منها أنه فضل أن يقضي في السجن خمسة سنوات على أن يهرب خارج بلاده بالرغم من توفر الفرصة له. وكذلك فإنه لم يقبل أية وظيفة حكومية مفضلًا العمل كناشط مدني. لقد شارك في تأسيس مركز هشام مبارك للقانون عام 1999 وتولى إدارته منذ إنشائه، حيث عمل المركز على التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان وتقديم الدعم لضحايا تلك الانتهاكات.

وبعد حياة حافلة بالتحديات والصعوبات والانتصارات، توفى محاميُ الذين لا محام لهم من المطلوبين والملاحقين من قبل السلطة، وذلك بتاريخ 27 أغسطس / آب 2014، بعد صراع مع المرض، بينما كان ابنه علاء وابنته سناء محبوسين في السجون المصرية. استمع له هنا يعتذر لنجله علاء بقوله

«النص الأصلي:عذرًا علاء لم اورثك الديمقراطية بل اورثتك السجن.»

الدكتورة ليلى سويف

لم يكن مقدورًا لمحامي المحرومين ان يؤدي مهامه المتشعبة لولا وجود زوجته وشريكة حياته الناشطة الدكتورة ليلى سويف إلى جنبه تسانده بعزيمة لا تقهر وتشاركه نشاطاته الحقوقية وهي أحد مؤسسي جمعيتي العمل من أجل استقلال الجامعات (حركة 9 مارس)، والجمعية المصرية لمناهضة التعذيب. لقد قدمت له الدكتورة ليلى سويف الدعم اللامحدود فكانت له بحق الصديق والناصر وولدت له ثلاثة شموع متلألئة علاء ومنى وسناء، حيث سلكوا أيضًا طريق الحرية الشائك ولا عجب فان الأولاد على سر أبيهم.

علاء عبد الفتاح هو مدون مصري معروف ومدافع ثابت عن حقوق الإنسان وقد اسس مع زوجته منال بهي الدين حسن مدونة “ منال وعلاء” التي حصلت في سنة 2005على جائزة منظمة “مراسلون بلا حدود” كأفضل مدونة باللغة العربية.

لقد اعتقل علاء ودخل السجن مرات عديدة بسبب دفاعه المستميت عن حرية الرأي والتعبير والتظاهر ودعوته لبناء دولة المؤسسات التي تحمي حقوق المواطنين بدون استثناء. بتاريخ 11 يونيو / حزيران 2014 حكمت عليه إحدى المحاكم في القاهرة مع 24 آخرين بالسجن 15 عامًا، وبغرامة قدرها 100 ألف جنيه (14 ألف دولار) بتهم مزعومة تتعلق بالمشاركة في مظاهرة سلمية نظمت في 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2013 بالعاصمة القاهرة. وكانت الشرطة قد لجأت إلى القوة لتفريق المظاهرة التي نظمتها مجموعة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين” وذلك بعد يومين فقط من اصدار الحكومة لقانون يقيد حق التجمع السلمي.

منال بهي الدين حسن

التقيت بزوجته منال بهي الدين حسن مؤخرًا في بيروت فوجدتها كلها حماس واستعداد لدعم حركة حقوق الإنسان وحماية الناشطين رقميًا. وبالرغم من ان زوجها لايزال في السجن فإنها لم تخفي تفاؤلها بمستقبل حر مزدهر توضحه ابتسامتها في هذه الصورة التي التقطها الناشط والمدون حمزوز:

وهنا يجب على أن أذكر مفارقة أخرى في حياة هذه الأسرة المناضلة ذكرها أحمد سيف قبل رحيله: “ولدت ابنتي منى وأنا في السجن مثلما حدث مع علاء ابني الذي ولد ابنه خالد وهو أيضًا في السجن كأن التاريخ يعيد نفسه.”

والد منال، بهي الدين حسن، هو مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.

منى سيف

وهكذا نصل إلى منى سيف المدافعة عن حقوق الإنسان التي تتميز بحبها اللامحدود لأفراد عائلتها ودفاعها المستميت عنهم ومشاركتها الفعالة بالثورة المصرية، التي نجحت في إزاحة حسني مبارك عن السلطة في 2011، وعرفت بنشاطها الكبير على شبكات التواصل الاجتماعي وعملها المنقطع النظير من أجل تهيئة رأي عام مصري يرفض محاكمة المدنيين عسكريًا.

في هذه الصورة منى تشد من أزر ابيها في قاعة إحدى المحاكم المصرية، حيث كان رحمه الله يترافع دفاعًا عن مجموعة من معتقلي الرأي وهي جالسة جنبه تنظر إليه بمحبة وحنان تخترق الزمان والمكان لتذوب في أحلامه وأهدافه التي أفنى من أجلها حياته.

بتاريخ 30 يونيو / حزيران 2014 كتبت منى في صفحتها على فيسبوك عن أختها الصغرى السجينة سناء التي كثيرًا ما تصفها تحببًا بآخر العنقود:

«النص الأصلي:سناء معايا في كل لحظة من اليوم

باحكي عنها كتير … لكل الناس

باكلمها, باعتذرلها لما اضعف, وبافضفضلها في دماغي»

سناء سيف

ونصل إلى آخر العنقود سناء سيف التي عملت كل ما في وسعها من أجل التضامن مع أخيها علاء، فهي في الصورة أدناه وحدها أمام قصر القبة قبل اعتقالها تطالب بالحرية لشقيقها علاء عبد الفتاح و23 آخرين حكم عليهم بالسجن لمدة 15 سنة:

في 26 أكتوبر / تشرين الأول 2014، أصدرت محكمة الجنح في القاهرة حكمها على 23 من مدافعي حقوق الإنسان والمتظاهرين، ومن بينهم سناء سيف، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، مع فرض رقابة أمنية عليهم لمدة ثلاث سنوات أخرى، وغرامة مالية قدرها 10,000 جنيه مصري (حوالي 1,398$)، مع دفع مبالغ للتعريض عن الإضرار الناجمة. وفي 28 ديسمبر / كانون الأول 2014 خففت محكمة جنح مستأنف مصر الجديدة الحكم الصادر على سناء سيف و22 آخرين إلى السجن عامين تتبعهما عامين من المراقبة.

وخير ما يمكن أن نختم به هذه المقالة هو ما كتبته منى عن ابن علاء الذي سماه خالد، والذي ولد ووالده يقبع في سجن طرة، هي جملة قصيرة جدًا ولكنها تفيض حبًا واملًا بمستقبل حر ومشرق للجميع:

«النص الأصلي:وبخالد تبدأ رحلة جديدة … بها من الحب ما يفيض ليشملنا»

مصادر[عدل]