حين يتقابل مارفيل وأوريشا: فنان برازيلي يحول الآلهة الإفريقية إلى أبطال خارقة
الجمعة 10 فبراير 2017
لتفكر بالمنتقمين؛ بسلسلة الرسوم الهزلية التي تنشرها مارفيل الأمريكية والتي تتحدث عن فريق من أبطال خارقين يجتمعون بهدف حماية العالم من قوى الشر. والآن لتتخيل لو أن، في ستينات القرن الماضي، استوحي المبدعان جاك كيربي وستان لي من الأساطير اليوروبية أفكارًا لتنفذ في المنتقمون. فبدلاً من الرجل الحديدي، سيكون لدينا المحارب أوشانجيا؛ وكان ليحل محل القديس النرويجي، ثور، ذو العينان الزرقاوين والشعر الأشقر، حاكم العدالة ذو القوة المماثلة، شنجو، صاحب البشرة السوداء الذي يحمل مطرقة أيضًا؛ وكان ليفسح الرجل النملة، قائد الحشرات، مجالاً لأوسين، ملك الغابة الساحر العليم بأسرار النباتات؛ ومن سنقارنه مع كابتن أمريكا هو أوجوم، وسيفه، المتعطش دائمًا للمعركة.
هذا بالضبط ما كان يدور بذهن الفنان البرازيلي هوغو كانوتو صاحب الثلاثين عاماً، في آب 2016، حين أعاد تخيل الغلاف الكلاسيكي للعدد الرابع من سلسلة المنتقمين، مستعيضًا عن كل الشخصيات المشهورة بالأوريشا (أو الأوريكسا بالبرتغالي)، وهم آلهة في الأديان الأفروبرازيلية المعاصرة الممتدة أصولها إلي نيجيريا وبنين. طوال حياته، استمر اعجاب هوغو بمارفيل وكل ما له علاقة بمجلات الرسوم المتحركة، كما أنه يعيش بالسلفادور، أي موطن أحد أكبر التجمعات السكانية الأفروبرازيلية بالبلد.
يقول هوغو أنه أطلق على عمله المُشتق اسم “ذا أوريكاس” لأنه تعمد مزج البرتغالية بالإنكليزية، كما أنه نشرعلى فيسبوك هذا العمل تكريماً لجاك كيربي، بعد أن أتم سن التاسة والتسعين لو كان مازال حياً.
وبعد أن تلقى ردود أفعال إيجابية من أصدقائه (للإفصاح التام: تربطنا أنا وهوغو صداقة شخصية)، سرعان ما أتى بغلاف مجلة رسومات هزلية جديد لـ”ذا أوريكاس” ولكن بظهور الإله زانجو هذه المرة.
ثم كانت الضجة المدوية؛ وصرح هوغو للأصوات العالمية أن العديد من الناس تواصلوا معه “مشيدين بفكرة إحضار هذه الشخصيات إلى العالم الهزلي.” وفي توفمبر/تشرين الثاني، قرر أن يجرب حظه مع التمويل الجماعي، آملاً في جمع 12 ألف ريال برازيلي (4000 دولار أمريكي) ليصدر مجلتين هزليتيين من سلسلة أطلق عليها اسم “حكايات أوران أيي،” ومعنى ذلك باليوروبي هو الجنة والأرض.
حظت فكرة الجمع بين الشكل الشهير لمجلات الرسوم الأمريكية والأساطير الدينية الأفريقية بشهرة كبيرة، وفي غضون أسبوع واحد، كان هدف التمويل مكتملًا. ولمَا جُمعت أموال أكثر من المتوقع، كان على هوغو، الحائز على شهادة جامعية في مجال الهندسة المعمارية والذي ترك وظيفته المستقرة في الخدمة العامة عام 2015 سعيًا وراء شغفه المولع بالمجلات الهزلية، أن يعثر سريعًا على سبل للتوسع في المشروع. دعى اثنين من خبراء الرسوم المتحركة، مارسيلو كينا وبيدرو مينهو، ليساعداه في الإنتاج. وبعد ذلك، عدٌل الفريق على المحتوى وعدد الصفحات واللمسات الأخيرة، وكذلك بتحضير جوائز أفضل للداعمين.
حتى هذا اليوم، جمعت الحملة أكثر من 40 ألف ريال برازيلي (12 ألف دولار). وبينما تباع الملصقات، التي يظهر علي كل واحدة منها أوريشا مختلف، بصورة متواصلة، ستوجه الأموال لطباعة نسخ من مجلتيين هزليتين بحوالي 90 صفحة، يتحدث كل منهما عن قصة مختلفة مستوحاه من إتان، وهي مجموعة أساطير وقصص وأغاني عن الأوريشا.
وفقًا إلى هوغو، ستنشر جميع المنتجات بشكل مستقل دون تدخل من أي ناشر في الوقت الراهن.
المنتقمون، ولكن من باهيا
كانت البرازيل مركزًا لتجارة الرقيق التي أجراها البرتغاليون عبر المحيط الأطلسي، قبل الاستقلال البرازيلي عام 1822 وبعده. واستقبلت باهيا، حيث استقر المستوطنون أولاً عام 1500، أكثر من 1.3 مليون من العبيد، جاء معظمهم من غرب أفريقيا الوسطى وخليج بنين.
بقيت طقوسهم ومعتقداتهم على قيد الحياة لـ300 سنة، امتلأت بالعمل القسري والعنف الشديد، وتتجلى هذه المعتقدات الآن من خلال الأديان المعاصرة الأفروبرازيلية مثل كاندومبلي وأمبوندا، وهما مزيج يخلط بين تقاليد متنوعة جاءت من مختلف الجماعات العرقية الأفريقية، لاسيما جماعة اليوروبا وكذلك جماعتي الفون و البانتو.
يقول هوغو إن التأثير الإفريقي على ثقافتهم يتخطى الحاجز الديني بالنسبة إلى شخص قد وُلد في باهيا وترعرع بها؛ فهو يؤثر على “عاداتهم وحديثهم وطعامهم. إنه جزء من هويتهم،” مضيفاً أن “هذا هو ما جعله متعطش لإنتاج قصة مستوحاة من الثقافة الأفروبرازيلية.”
على الرغم من أن الأديان الأفروبرازيلية جزء لا يتجزأ من ثقافة الباهيا، لا يفهمها سوى قلة قليلة من سكان البرازيل حتى الآن؛ فغالبًا ما ينتقدها المتعصبون من المسيحيون الإنجيليون ويضطهدونها.
بالنسبة لهوغو، الهدف الرئيسي للمشروع هو الأثناء على هذا السرد الديني الذي نجا من الوقت والمسافات ليصبح من أحد أهم جوانب الثقافة البرازيلية.
«النص الأصلي:Acredito que é necessário valorizar um dos pilares do Brasil, que infelizmente ainda sofre com discriminação e preconceitos. Acredito que o público entendeu essa ideia, pois temos muitos depoimentos de professores que falaram sobre o tema levando as artes para seus alunos, ou brasileiros vivendo no exterior que desejam apresentar esse aspecto do país. Sejam eles adeptos ou não das religiões de matrizes africanas, há um interesse imenso.»
«ترجمة:أعتقد أنه من الضروري تكريم إحدى أركان البرازيل الأساسية، والتي للأسف لاتزال تعاني من التحيز والتمييز. ويخيل لي أن الجمهور فهم هذه الفكرة؛ فقد سمعنا عن أساتذة علم تحدثوا عن هذا الموضوع، وعرضوا أعمالنا الفنية على طلابهم، وبرازيليين يعيشون في الخارج يتمنون عرض هذا الجانب من ثقافتنا على الآخرين. هناك اهتمام بالغ، سواء كان من ممارسي الأديان الإفريقية أم لا.»
بالتأكيد، توفر الأديان الإفريقية محتويات كثيرة لقصص الأبطال الخارقين. فمثل السانتيريا والفودو في الأديان الأخرى، هناك مجموعة من الآلهة في كاندومبلي، وتعرف هذة المجموعة باسم الأوريشا، وهم يحكمون قوى الطبيعة والبشر. وتتصف كل الأوريشا – التي يبلغ عددها أكثر من ألف، بالنظر إلى الممارسات في الأمريكتين و إفريقيا – بمواصفات البشر، ويدخلون في صراعات مع بعضهم البعض من أجل السلطة، ويرتكبون الأخطاء، ويقعون في الحب.
يقول هوغو إن الشخصية المحورية لأول عدد من المجلة سيكون إله العدالة شنجو. وفقًا للأسطورة، يعاقب شنجو الكذابين والصوص والأشرار. كما كانت له ثلاث زوجات تزوجهم في مراحل زمنية مختلفة، كانوا من الأوريشا أيضًا، وهن: إيانسا وأوشم وأوبا.
انتقل كانتو إلى باهيا مَجددًا ليبحث في المشروع، بعد أن كان يعيش في ساو باولو حين استلهم فكرة عمل المجلة الهزلية. ويقول: “تعمقت في دراسة الأوريشا، ولم يكن ذلك من خلال قراءة كتب لمؤلفين مشهورين، مثل بيير هيفير وإيدسون كارنيرو وجوزيه بينست وريجينالدو براندي فحسب، ولكن أيضًا من خلال زيارة التيهيروس [مكان الصلاة لديانة كاندومبلي] و التحدث إلى القادة الدينيين. فعلت كل ذلك من أجل تنفيذ المشروع مع كل الاحترام والتقدير والرعاية.”
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «حين يتقابل مارفيل وأوريشا: فنان برازيلي يحول الآلهة الإفريقية إلى أبطال خارقة». الأصوات العالمية. 10 فبراير - شباط 2017.
شارك الخبر:
|