بعد مرور 26 عامًا على انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، مازالت عائلات الضحايا تطالب بتحقيق العدالة

من ويكي الأخبار

الأربعاء 14 سبتمبر 2016


في 30 أغسطس/ آب يحتفل باليوم العالمي للمفقودين وهو كذلك يوم “لإحصاء عدد الأشخاص الذين مازالوا مجهولي المصير خلال الصراعات والكوارث والنزوح بهدف إبداء التعاطف مع ذويهم”. بدأت هذه الاحتفالية في الأصل في أمريكا اللاتينية عام 1981 مع انطلاقة “ اتحاد أمريكا اللاتينية لرابطة عائلات المعتقلين والمفقودين” في كوستا ريكا، ثمّ أخدت بالانتشار عالميًا منذ ذلك الوقت.

في لبنان وبعد مرور 26 عامًا على انتهاء الحرب الأهلية، مازال مصير آلاف الأشخاص مجهولًا، وأزمة المفقودين والمختفين قسرًا تعد مشكلة على درجة كبيرة من الحساسية على الصعيد السياسي، لسبب بسيط وهو أن الكثير من أمراء الحرب يعدون من النخب السياسية الحاكمة في لبنان. على سبيل المثال في يناير/ كانون الثاني عام 2016 نشرتُ مادة مشتركة مع الزميلة عبير غطاس في موقع الأصوات العالمية، وكانت بعنوان:” الزواج المسيحي بين عون وجعجع يثير الشكوك“. ميشيل عون وسمير جعجع اثنين من أشهر أمراء الحرب خلال الحرب الأهلية التي امتدت بين عامي 1975و1990 . وما يزالان حتى اليوم في السلطة أو بمعنى آخر هما من الشخصيات المؤثرة في صنع القرار ولنكن دقيقين، ليسا الوحيدين. ترددت السلطات اللبنانية في أمر التحقيق في قضايا المفقودين، بالمقابل أُصدر قانون بعد مرور خمس سنوات على انتهاء الحرب خُفضت بموجبه المدة اللازمة لاعتبار الشخص الغائب بمثابة المتوفى. وفي عام 2009 سحبت منظمة العفو الدولية طلبها، كالكثير من المنظمات الدولية الأخرى، الذي كانت قد تقدمت به للسلطات اللبنانية تحثها فيه على إجراء تحقيق حول المقابر الجماعية في البلد.

سوسن حرباوي وهي لبنانية اختطف شقيقها عام 1976، صرحت لمنظمة العفو الدولية بأن النظام اللبناني لم يعطها أي جواب حول مصير أخيها:

«النص الأصلي:We have been calling on the Lebanese state for so many years to dig up mass graves and reveal the fate of my brother and many others, but our state has done absolutely nothing»

«ترجمة:لقد قمنا بتوجيه دعوات كثيرة للنظام اللبناني طوال السنوات الماضية، لحثه على حفر المقابر الجماعية لمعرفة مصير أخي من بين آخرين، لكن بلدنا لم يفعل شيئًا حيال ذلك البتة.»

في حين أن انتباه وسائل الإعلام هذه الأيام موجّه إلى عدد المفقودين المتزايد في سورية؛ الأمر البديهي بلا شك. إلا أنه مازال لدى القائمين على تنظيم الحملات في اليوم العالمي للمفقودين، أمل في تسليط الضوء على قضية اللبنانين الذين اختفوا خلال الحرب الأهلية، ولهذ الغرض عرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اللبناني (CICR) فيديو مؤثر يظهر امرأة عجوز في بيتها تنتظر ابنها بصمت، وينتهي الفيديو بالرسالة التالية:”الحرب انتهت، لكن حربها لم تنته بعد”.

كان للصليب الأحمر حضورًا فاعلًا في لبنان منذ العام 1967 حتى حرب الأيام الست مع إسرائيل، لتأمين احتياجات النازحين الفلسطينين المتفاقمة، الهاربين من القوات الإسرائيلية وكذلك حاجات المجتمعات المضيفة، وقد عمل الصليب الأحمر الدولي على امتداد الأرض اللبنانية وله مكاتب في بيروت وتريبولي وزحلة وطيرو وكذلك في مخيم “عين حلوة” لللاجئين الفلسطينين.

تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حوالي 17,000ألف نازح مازالوا في لبنان، مع أن العدد الحقيقي يمكن أن يكون أقل من ذلك. في حديث مع الأصوات العالمية، يقول طارق وهبة المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر اللبناني والتي تقدم الدعم للوافدين المحليين:

«النص الأصلي:The ICRC noticed that there were many duplications and inaccuracies. Some people were reported missing to different authorities and counted multiple times, some were never counted. The number is currently not clear, we have visited more than 2500 families, some who have more than one missing family member.»

«ترجمة:اكتشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هنالك الكثير من التكرار وانعدام المهنية في ملف المفقودين، بعض الأشخاص وثقوا لدى عدة جهات أمنية وبهذا سجلت أسمائهم عدة مرات، بينما هناك أسماء لمفقودين آخرين لم تسجل مطلقًا وبهذا لم يدخلوا ضمن الإحصائيات، حاليًا الأعداد ليست واضحة، قمنا بزيارة أكثر من 2500 عائلة فقد بعضها أكثر من فرد.»

تنظم لجنة الصليب الأحمر الدولية في كل عام احتفالية بذكرى المفقودين، وقد نظمتها لعقد كامل، الفكرة وفق رأي وهبة هي ” إظهار التعاطف معهم وتذكير النظام اللبناني بواجبه نحوهم”. بعيدا عن “الحساسيات السياسية”. بصراحة وكما نبهنا إليه وهبة، فإن الذين يحذرون من خطر كشف الحقيقة خوفًا من الضعضعة السياسية، يقفون حائلًا أمام وصول الحقائق للشعب اللبناني:

«النص الأصلي:Many consider this file to be “too sensitive” in Lebanon, some warn that it might ignite another conflict. Our experience in handling missing files in places such as Kosovo, Bosnia, Iran, Iraq and other places have shown the exact opposite. Tackling the missing file helps reduce tensions and helps the country heal. It is important to keep in mind that this is not an investigation and not to point fingers. We need to address this issue so that families can mourn their loved ones and be able to move on. We need to address this because the Lebanese soil is filled with human remains that have to be properly buried.»

«ترجمة:يعتبر الكثيرون أن هذا الملف هو ملف “حساس للغاية” في لبنان. بعضهم يحذر من مغبة أن يثير هذا الملف نزاعًا آخر. لكن تجربتنا في إدارة ملفات المفقودين في مناطق مثل كوسوفو والبوسنا وإيران والعراق أثبتت العكس تمامًا، فالتطرق إلى ملف المفقودين يخفف من حدة التوتر ويساعد البلد على التعافي من آثار الحرب. من المهم معرفة أن هذه العملية ليست تحقيقًا رسميًا ولن يُتَّهم خلالها أحد. ويجب علينا فتح هذا الملف لكي تتمكن عائلات المفقودين والضحايا من إقامة عزاء لائق لأبنائهم ومن متابعة حياتهم بشكل طبيعي.علينا مواجهة ذلك لأن الأرض اللبنانية مليئة بالوجوه التي تنتظر أن توارى الثرى كما يليق بها.»

وبما يتعلق بمطالب عائلات المفقودين، علمت لجنة/ في عام 2011 أن:

«النص الأصلي:The first demand of the families was the right to know the fate of their missing family members. The assessment also showed that many are in need of psycho-social support. Some need financial support, there are women who lost their sons and husbands on the same day and have had no one to care for them for years.»

«ترجمة:المطلب الأول لعائلات المفقودين هو حقهم في معرفة مصير أبنائهم. وأوضحت الدراسة كذلك أن الكثيرين منهم بحاجة إلى دعم نفسي- اجتماعي ومنهم من يحتاج دعمًا اقتصاديًا، فهنالك نساء فقدن أولادهن الذكور وأزواجهن في اليوم نفسه، ولم يكن لديهن أحد قائم على رعايتهن طوال سنوات.»

ذوي المفقودين ليسوا الوحيدين الذين يمارسون الضغط على الحكومة اللبنانية بشأن الملف، الناشطة المعروفة وداد حلواني والتي تترأس حاليًا رابطة عائلات المفقودين والمخطوفين. والتي خطف زوجها عام 1982 لكونه عضو في الحزب الشيوعي، طلبت مؤخرًا من أحد الصحافين أن يجري تحقيقًا صحافيًا مع الخاطفين وليس مع عائلات ضحاياهم:

«النص الأصلي:اذهب واسأل الخاطفين ماذا فعلوا بضحاياهم. لماذا تسألني أنا؟ ألست صحافياً؟ اذهب واسألهم ماذا فعلوا بهم. وعندما تنتهي من ذلك، يمكن أن أجيبك على ما تريد»

في إحدى الاحتفاليات التي تقيهما لجنة الصليب الأحمر إحياءًا لذكرى المفقودين، أدت المغنية المشهورة أميمة الخليل أغنية “ عصفور” والتي جعلت فيها من الطير رمزًا لأولئك الذين يدعمون عائلات المفقودين وطالبت بتحقيق العدالة. كلمات الأغنية تبدأ:

«النص الأصلي:عصفور طلّ من الشباك، قال لي يا نونو

خبيني عندك خبيني دخلك يا نونو -»

مصادر[عدل]