بعد فشل مفاوضات سد النهضة.. ما الرسائل وراء زيارة السيسي إلى السودان
الأحد 7 مارس 2021
تحظى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، إلى السودان، اهتمام المراقبين والسياسيين، كونها الأولى بعد سقوط نظام عمر البشير، وتزامنًا مع فشل مفاوضات سد النهضة والدعوة إلى تدويل القضية… فما دلالات الزيارة والرسائل التي يمكن أن تخرج من زيارة الخرطوم؟
يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون السودان السفير وائل عادل نصر: “من الواضح أن إثيوبيا تخطت حدود العقل في كل تصرفاتها، فهى تتحرك وكأنها قوة عظمى لا رادع لها في أفريقيا، وقد مضت سنوات عديدة نتفاوض من أجل الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف فيما يتعلق بسد النهضة”.
واعتبر في حديث لـ”سبوتنيك” أن أديس أبابا في المقابل تتفاوض “من أجل التفاوض ليس أكثر من أجل كسب الوقت والمضي قدما في عملية البناء وملء السد بصورة أحادية دونما اعتبار للأطراف الأخرى فيما يمكن أن نسميه “عربدة سياسية”، مشددا على أنه لا يمكن لأحد أن يتصور أن مصر والسودان “سوف تقبلان أن تكونا تحت رحمة إثيوبيا.. هذا مستحيل”.
للصبر حدود
وشدد على أن مصر “استهكلت كل ما لديها من الصبر على أديس أبابا طوال السنوات الماضية، وبكل أسف كانت التحركات السودانية خلال الفترة الماضية غير واضحة المعالم بشأن علاقة الخرطوم مع إثيوبيا ومصر، فلم نكن نعرف إلى أين تسير وفي أي اتجاه، حتى حدثت التحولات الأخيرة في سياستها الخارجية وبدا واضحا تحول الخرطوم نحو الحدود الشمالية مع مصر لتنسيق المواقف”.
وتابع “كانت هناك زيارات كثيرة متبادلة بين المسؤولين المصريين والسودانيين خلال الفترة الماضية للتنسيق والتعاون الثنائي في كل المجالات، تم تتويجها اليوم بزيارة الرئيس السيسي للسودان”.
تغيير لغة الخطاب
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق على ضرورة أن تغير كل من مصر والسودان لهجتهم مع إثيوبيا وأن تتعاملا معها “بمنطق الندية وليس بمنطق العقل الذي يوحي للطرف الآخر بأننا في موقف المستضعفين”.
وأضاف “ننتظر الرسائل التي ستخرج عن زيارة الرئيس، لأنه من الواضح أن إثيوبيا تستند إلى قوة ما أعطتها تلك الجرأة وهذه القدرة على التحدي، وتدفعها إلى الاستمرار مع ضمان عدم المساس بها من أي طرف”.
علاقات تاريخية
من جانبه، قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء دكتور جمال مظلوم إن “التعاون المصري السوداني يمتد عبر التاريخ، وربما بعدت بعض الأطراف عن بعض في الفترة الماضية نتيجة الأوضاع السياسية، ونرى أن الوضع الحالي في السودان منذ أكثر من عامين يعمل على استعادة الدولة وإعادة بنائها في ظل مشكلات كبرى مثل الحدود وسد النهضة مع إثيوبيا”.
واعتبر في حديث لـ”سبوتنيك” أن “التعاون المشترك والزيارات المتبادلة بين القاهرة والخرطوم من جانب قمة السلطة وكبار المسؤولين هى عودة للأصل في طبيعة العلاقات”.
وأضاف أنه “يوجد في مصر ما لا يقل عن 5 مليون سوداني، ومصر الآن تمد يدها لكل الدول العربية من أجل التكاتف والتعاون وحل القضايا”.
وتابع مظلوم: “من المفترض في هذا التوقيت وتلك الأزمات أن يتم استبعاد الموضوعات مثار الخلاف بين الدولتين لأن هناك قضايا كبرى أهم، ولو بحثنا في علاقات البلدين نجد أن نقاط التوافق أكبر بكثير من نقاط الخلاف”.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي جمعه اليوم السبت بالخرطوم مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني، رفض البلدين سياسة الأمر الواقع بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي.
وأكد السيسي في كلمته خلال المؤتمر، ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم وعادل يراعي مصالح دول المصب (مصر والسودان)، قبل موسم الفيضان المقبل في يونيو/حزيران 2021.
وقال إن المباحثات المصرية السودانية اليوم، أكدت حتمية العودة إلى مفاوضات جادة وفعالة، مع ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث – مصر وإثيوبيا والسودان.
وألمح الرئيس، إلى رفض البلدين نهج فرض سياسة الأمر الواقع بشأن ملف سد النهضة، ومحاولة السيطرة على النيل الأزرق، عبر إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب.
وأفاد السيسي، بأن اتجاه إثيوبيا لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء وتشغيل سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل، يهدد بإلحاق أضرار جسيمة بدولتي المصب.
وتابع الرئيس المصري: “بحثنا سبل إعادة مسار المفاوضات من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي، للتوسط بعملية المفاوضات – الآلية التي اقترحها السودان وأيدتها مصر- للتعظيم من فرص نجاح التوصل لاتفاق بشأن السد”.
وأكدأن زيارته للسودان تمثل رسالة مساندة إلى الشعب والحكومة السودانية بمختلف المجالات دون استثناء، دعماً لإدارة المرحلة الانتقالية في الخرطوم.
من جانبه، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، إن السودان ومصر توصلا إلى رؤية موحدة تخدم تقدم وتطور ونماء الشعبين المصري والسوداني وتساهم في استقرار الدولتين.
وأكد البرهان أن زيارة الرئيس المصري للبلاد تمثل دعما حقيقيا للسودان وسندا لثورة الشعب السوداني، مشيرا إلى أن الزيارة تسهم في تقوية وتعزيز روابط الأخوة بين الدولتين مما سينعكس على مجريات الانتقال بالبلاد.
وتأتي الزيارة وسط حراك دبلوماسي وعسكري كبير بين البلدين، بعدما وكانت وقعت البلدين، في الثاني من مارس/ آذار الجاري اتفاقيات عسكرية خلال زيارة قام بها رئيس الأركان المصري إلى السودان. وتم التوقيع على الاتفاقية في الخرطوم، بحضور قائدي جيشي البلدين، اللذين أكدا أن البلدين يواجهان تهديدات مشتركة.
مصادر
[عدل]|مسار = |المؤلف = |عنوان = بعد فشل مفاوضات سد النهضة.. ما الرسائل وراء زيارة السيسي إلى السودان
|الناشر = |تاريخ= }}