انتقل إلى المحتوى

الهاكرز في المدن العربية: واحسرتاه على حال الإنترنت في الجزائر!

من ويكي الأخبار

الأربعاء 5 يونيو 2013


(ملاحظة: جميع الروابط باللغة الفرنسية إلّا في حال ذكر خلاف ذلك)

سابين صحفية وأوفيليا مصورة ومخرجة. في الماضي كانتا تساهمان في موقع أوني [بالفرنسية والإنكليزية] (وهو أحد شركاء الأصوات العالمية). أما الآن فهما تصوران وثائقياً للإنترنت بعنوان الهاكرز في المدن العربية [بالفرنسية] يتمحور حول عالم التكنولوجيا والتطبيقات والهاك لاب والميكر سبيس أو معامل الهاكر [بالعربية] التي تزهر حالياً في عالمنا العربي.

هذه المقالة هي الثانية من ضمن سلسلة تسرد مغامرات الصبيتين. فيها نعرض مقتطفات من مقابلتين قامتا بهما مع أخصائيَي كمبيوتر التقتا بهما في “المدرسة العليا للإعلام الآلي” في الجزائر [بالعربية].

النص: سابين بلان – الصور: أوفيليا نور – اختيار و تحرير المقتطفات: كلير أولريش

يزيد: ستارت آب (شركة ناشئة) في 54 ساعة فقط؟

خلف ابتسامته الخجولة، يخفي يزيد ابن العشرين ربيعاً، رغبة جامحة في تأسيس الستارت آب الخاصة به. بالتعاون مع 4 من زملائه في سنتهم الجامعية الأخيرة، شرع بإنشاء منصّة تلعب دور الوسيط أو تجمع ما بين مزودي الخدمات و العملاء المرتقبين. يتحدث يزيد عن حماسته ودوافعه:

«النص الأصلي:Internet est un terrain vierge, j’ai 5 à 10 ans pour monter ma start-up.»

«ترجمة:الإنترنت هنا أشبه بأرضٍ موحشة. يلزمني من 5 إلى 10 سنوات لإنشاء قائمة ستارت آب الخاصة بي.»

و لكي يثبت لنا وجهة نظره ويعطينا فكرة عن التحديات المنتظرة، يشير يزيد إلى أن أهله يدفعون في الشهر 12 يورو (حوالي 16 دولار أميركي) جزاء خدمات إنترنت (256 كيلوبايت). إن أردت التمتع بخدمة العشرة ميغابايت فسيكلفك ذلك 30 يورو في الشهر (حوالي 39 دولار أميركي). فالجزائر مع الأسف تشتهر بكونها لديها أبطأ إنترنت في العالم بحيث احتلّت المرتبة الأخيرة في هذا الإطار من بين 176 دولة العام الماضي. بالتالي وليستفيد من الإنترنت في غرفته في السكن الجامعي في العاصمة الجزائرية، يعمد يزيد إلى استخدام إنترنت جاره خلسةً.

بمعزل عن مشروعه، يحدثنا يزيد عن شائبة أخرى في الإنترنت الجزائري: غياب التجارة الإلكترونية. للحصول على أتعابه، على المرء أن يخلق حسابًا في نظام ذا نقاط. إذاً للحصول على معلومات (نقطة اتصال) عليك بشراء نقاط. غنيٌ عن القول أن هذا النظام الرديء يثير سخط الكثيرين:

«النص الأصلي:Il y a une grosse pression des chefs d’entreprise pour déréguler.»

«ترجمة:يسعى رجال الأعمال جاهدين لتغيير هذا النظام.»

و في انتظار غودو، يعتمد يزيد ما بين أشياء أخرى على دعم الحديقة الإلكترونية الرسمية (الوكالة الوطنية لتعزيز و دعم الحدائق التكنولوجية). إن وجود هذه المؤسسة الرسمية في منطقة سيدي عبد الله، على بعد 30 كم جنوب العاصمة، لدليل على الاهتمام الفعلي الذي توليه السلطات والإدارات المحلية هنا لتكنولوجيا المعلومات.

و هنا تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى عدة فعاليات استضافتها أو احتضنتها الوكالة المذكورة كـ Algeria 2.0 الذي أقيمت هذا العام للسنة الثانية على التوالي. في السياق نفسه، تنظم الحكومة هذا الصيف ما يعرف بـ start-up weekend’ أي لقاء يجمع ما بين الشباب وروَّاد الأعمال بهدف مساعدة هؤلاء الشباب على تحويل أحلامهم إلى واقع وخاصة في مجال التكنولوجيا. من بين الرعاة لهذا الحدث نجد شركات عالمية كغوغل وميكروسوفت.

ولكن باستماعنا إلى تذمر الشباب من العوائق الإدارية التي تعترضهم عند محاولتهم تأسيس شركة، لا يسعنا إلّا أن نتساءل إن كان شعار هذا الستارت آب ويكند “ستارت آب في 54 ساعة فقط” ما هو إلا دعابة ثقيلة وسخيفة من جانب الحكومة المفصومة. على كلّ حال الأيام القادمة، أكبر برهان إن كانت الحكومة ستلتزم بعهدها بتيسير الأمور على الشباب أو كما هي الحال دوماً ستنام على هذا الوعد.

ياسمين بوشين: إنه عصر المرأة!

قد لا يتعدّى عمرها العشرين عاماً ولكن في هذا السنّ الصغير، ياسمين بوشين قد أنشأت مجلتين إليكترونيتين Jam Mag (عن ثقافة الجيك والتكنولوجيا الحديثة) و Vinyculture وهي مجلة ثقافية. أما الآن فهي ترغب بإنشاء شركة تعنى بالتسويق والاتصالات. تقول ياسمين إن المزاح الأسود أو السخرية أصبح خبزها اليومي.

الوضع في الجزائر فيما يتعلّق بتكنولوجيا المعلومات يدفعها لليأس. فمجرّد التفكير في المباشرة بتأسيس شركتها الناشئة، يجعلها تتصبب بالعرق!

«النص الأصلي:e-Algeria 2013, un programme de numérisation du pays lancé voilà cinq ans, a été un échec. Le dossier de la 3G, c’est 5 ans d’effet d’annonce. Et le web n’existe pas dans la nomenclature administrative!»

«ترجمة:انطلق برنامج e-Algeria 2013 للرقمنة منذ 5 أعوامٍ و قلما يقال عنه أنه فاشل. أما ملفّ الـ3G فقد أعلن عنه أيضاً منذ 5 سنوات وما زلنا على الوعد يا كمّون. ناهيك عن ذكر أن الويب غائبٌ تماماً في الإدارات الرسمية!»

بعد أيامٍ قليلة على حديثنا، تنشر ياسمين مقالاً صغيراً عن إطلاق خدمة الـ 3G في الصومال فتنتهز الفرصة لصب نقدها على الحكومة الجزائرية:

«النص الأصلي:En proie à une guerre civile depuis dix ans, la Somalie n’a pour autant pas ignoré le développement de son secteur économique, à commencer par les télécommunications, secteur qui compte des millions d’abonnés.»

«ترجمة:رغم كونه فريسة لحربٍ أهلية تنهش فيه منذ عشرة أعوام، لم يتجاهل الصومال نموّه الاقتصادي بدءاً بقطاع الاتصالات الذي يضمّ ملايين من المشتركين.»

ولكن يبدو أن الكفّة بدأت تميل لصالح الدولة الجزائرية في عملية شد الحبال بينها وبين القطاع الخاص، وذلك من خلال المزود الوطني Algeria Telecom. و لكن الأمور لم تكن دوماً على هذا الحال. كما أنه لدى البلد جهازه اللوحي المجاني الخاص الـ Eepad. فالمزود الأول والحصري للإنترنت في البلاد، دخل السوق عام 1999 عندما فتح باب المنافسة رسمياً. عام 2003، أضاف خط الاشتراك الرقمي غير المتماثل أو الـ ADSL إلى باقة خدماته لتليه خدمة الـ Freebox المعروفة بالـAssilabox في الجزائر.

تدعو ياسمين للحيطة عند قراءة وتحليل الأرقام الرسمية للمشتركين في الشبكة العنكبوتية، المعلنة من الحكومة. “من الأفضل الاعتماد على أرقام الاتحاد الدولي للاتصالات” التي تشير إلى كون 14% فقط من الجزائريين يستخدمون الإنترنت عام 2011.”

و لكن ترتفع معنوياتها عندما تتحدث عن النساء. تهزأ ياسمين من دهشتنا أمام العدد الكبير للطالبات في المدرسة العليا للإعلام العالي. فتقول بكلّ اعتزاز:

«النص الأصلي:C’est le girl power, on s’amuse bien ! Les années 90 nous ont beaucoup aidées : les féministes sont montées au combat et un socle d’idées est resté. La ministre de la Culture Khalida Toumi est une féministe, en poste depuis dix ans.»

«ترجمة:إنه عصر المرأة ونحن نتسلّى كثيراً. ساعدتنا كثيراً التسعينيات في القرن الماضي: إذ قادت الحركة النسوية النضال ومازالت بعض من أفكار هذه الحقبة راسخة في أيامنا هذه. فوزيرة الثقافة خليدة تومي من مناصري حقوق المرأة وهي ما زالت في منصبها منذ عشر سنوات.»

مؤخراً اضطرت الحكومة إلى تقديم بعض التنازلات. تشير ياسمين إلى إنه “لم يعد لديها (أي الحكومة “أي خيار”. فبعد 19 سنة في الحكومة من بينها 10 وزيراً للتربية قدم بوبكر بن بوزيد استقالته، إثر حملة انطلقت على تويتر عنوانها #BenBouzidDégage أي ارحل أو باللغة العامية “انقلع”. تريد ياسمين الاعتقاد أن هذه الحملة قد حققت غايتها.

يبدو أن عملية تحرير وسائل الإعلام ماضية في طريقها والناس ترتقب قانونا جديدا بهذا الخصوص في منتصف الـ 2013 مما يسرّ ياسمين […] فياسمين تتذكر الصعوبات التي كان المرء يواجهها في الماضي لعقد اجتماعات. بعد رفع قانون الطوارئ رقم 91 – 19 لعام 1991، أعيد فرض هذا القانون الذي يقوض الحق في عقد لقاءات سلمية بعد عام من ذلك أي سنة 1992. وهو قانون بغاية الصرامة بحسب تقرير تقييمي لفرانك لا رو (المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير) صدر في شهر حزيران – يونيو من العام الماضي. وهنا تشرح ياسمين:

«النص الأصلي:La vraie censure, c’est la lenteur de la connexion Internet. Il y a eu des tentatives de censure lors des émeutes : ils n’avaient pas grand chose à censurer. Le gars qui est à 512 ko… Mais ça montrait qu’ils avaient peur.»

«ترجمة:الرقابة الحقيقية في الواقع هي بطء الإنترنت. فخلال الاضطرابات والتظاهرات برزت بعض محاولات الرقابة ولكن لم يكن هناك الكثير لحجبه. فمن يستخدم انترنت بسرعة 512 كيلو أوكتيت/ بالثانية، ولكن هذا يظهر أن السلطات كانت خائفة.»

نشرت سابين و أوفيليا المقال الأصلي في 28 كانون الثاني – يناير 2013 (بالفرنسية) على مدونتهما “الهاكرز في المدن العربية”. لقراءة المقال الأول (باللغة العربية) من هذه السلسلة اضغط هنا

مصادر

[عدل]