القاعدة تتبنى خطف الدبلوماسيين والسياح الغربيين
20 فبراير 2009
تمكن فرع القاعدة في شمال أفريقيا من فرض نفسه رقما فاعلا في المعادلة الأمنية، بمنطقة الساحل الإفريقي من خلال أعمال الخطف التي استهدفت رعايا غربيين، ومقايضة الإفراج عنهم بمبالغ مالية ضخمة تستعمل عادة في شراء أسلحة ومتفجرات.
أعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عن اختطاف دبلوماسيين كنديين ومرافق لهما من جنسية نيجرية، وأربعة سيّاح أوروبيين في صحراء الساحل. واختفى الثلاثة الأوائل منتصف ديسمبر الماضي في منطقة نائية بالنيجر، أما الأربعة الآخرون وهم زوج سويسري وألمانية وبريطانيين فقد اختفوا في 22 جانفي الماضي بالحدود بين مالي والنيجر.
وبثت قناة الجزيرة، مساء أول أمس، تسجيلا صوتيا، للناطق باسم قاعدة المغرب الإسلامي صلاح أبو محمد، تبنى فيه خطف الرعايا الغربيين الستة والرعية النيجري. وذكر أبو محمد واسمه الحقيقي صالح قاسمي في الشريط الصوتي، أن عناصر التنظيم الإرهابي نفذوا عمليتين نوعيتين داخل التراب النيجري. وقال إن الخاطفين يحتفظون بحقهم في معاملة الأسرى الستة بما يقتضيه الشرع الإسلامي. وذكر أن التنظيم سيعلن في وقت لاحق عن مطالبه وشروطه نظير إطلاق سراحهم.
وقد كان الكندي روبرت فاولر في مهمة أممية، كمبعوث خاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى النيجر عندما تعرض للاختطاف هو ومرافقه ومواطنه، لويس غاي، وسائقه النيجري سومانا موكايلة. وتم الخطف غربي العاصمة نيامي، وقد كان الثلاثة عائدين من زيارة خاصة إلى شركة كندية تستغل منجما للذهب في الصحراء. واختفى السياح الأوروبيون الأربعة بينما كانوا عائدين من مهرجان حول ثقافة الرحل، نظم في منطقة أنديرامبوكان. وقبل انطلاق المهرجان بأيام، وجهت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرا للرعايا الأمريكيين يطلب منهم عدم التوجه إليه خوفا من تعرضهم لعمل إرهابي. وصدر التحذير بناء على حادثة اختطاف السائحين النمساويين أندريا كلويبر وولفغانغ إيبنر، العام الماضي من طرف جماعة عبد الحميد أبو زيد المنتمية للقاعدة. وتم إطلاق سراحهما بعد شهور عديدة من الاحتجاز، مقابل فدية دفعتها الحكومة النمساوية تقدر بمليوني أورو، حسب تسريبات نشرتها الصحافة النمساوية. ويرجح أن خطف الكنديين والأوروبيين تم على أيدي نفس الجماعة التي من المرتقب أن تطلب فدية كبيرة كشرط لإطلاق سراحهم. وينتظر أن تزداد الأعمال الإرهابية ضراوة بشمال الجزائر في المستقبل، بسبب الأسلحة التي ستتحصل عليها الجماعة بفضل أموال الفدية. وحامت بعد حادثتي الاختطاف الأخيرتين مباشرة، شكوك قوية حول تورط حركتي التمرد الترفيتين بمالي والنيجر فيهما. ووجهت نيامي وباماكو التهمة للمسلحين التوارف بشكل ضمني، رغم مسارعتهم إلى نفي أي علاقة لهم بالقضية. وترى مصادر أمنية جزائرية، أن عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا، النشطين بالمنطقة الصحراوية لا يمكنهم ممارسة نشاط الخطف بالسهولة التي ميزت عمليات الاختطاف الثلاث، لولا استفادتهم من تواطؤ عصابات التهريب وحركات التمرد التي تعرف صحراء الساحل بدقة كبيرة. وتعكس عمليتا الخطف الأخيرتين تصميم تنظيم القاعدة على فرض نفسه رقما فاعلا في المعادلة الأمنية بمنطقة صحراء الساحل. وتسعى الجماعة الإرهابية إلى تسويق صورة خاصة عن تخوم الحدود الجزائرية مع النيجر ومع مالي، تترك الانطباع بأن السلفيين المسلحين يسيطرون عليها ويتحركون فيها بسهولة، وأن حكومات المنطقة عاجزة عن وقف نشاطهم. وإذا تم ربط نشاط الإرهاب في تبسة مؤخرا، وإعلان مسؤولية القاعدة عن حادثتي الاختطاف، مع سياق التحضير للانتخابات الرئاسية، يتضح جليا أن نشاط القاعدة أبعد ما يكون عن أنه ضربات عشوائية ليس لها أهداف. فالاستحقاق السياسي المقبل فرصة نادرة بالنسبة لأتباع أسامة بن لادن في المنطقة، لمحاولة التأكيد للعالم بأن اللاأمن واللاإستقرار مازالا يلازمان الجزائر.