الفيلم الليبي القصير “العشوائي” يرصد ظاهرة التصنيفات الحادة بالمجتمع الليبي بعد ثورة فبراير
الأحد 18 سبتمبر 2016
يصور الفيلم الليبي القصير “ العشوائي” تأثيرات ثورة 17 فبراير 2011 على المجتمع الليبي ويرصد ظاهرة بروز الصراعات والتصنيفات الايديولوجية المفتعلة عقب سقوط نظام القذافي.
تدور الحكاية حول “المعتصم”، الشاب الليبي الذي كان خارج البلاد في فترة الثورة، إلا أنه يقرر العودة للوطن بعد نهاية الصراع المسلح في صيف 2011، متفائلًا وطامحًا بالمشاركة في إعادة بناء المجتمع والدولة بعد أعوام طويلة من القمع والكبت للحريات، فيجد نفسه ضحية لالتباسات كثيرة حول كيفية تصنيفه ضمن داء تفشى في المجتمع الليبي في فترة الثورة – وما بعدها – حتى وصلت للاقتتال الأهلي بين بعضهم البعض وبعد فترة من ممارسة العنف اللفظي والجسدي في الحياة اليومية، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية والفضائيات الجديدة.
كان فيلم “العشوائي” في الأصل إحدى حلقات مسلسل فوبيا (إنتاج العام 2013) وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي قصير، وفق لرؤية فنية للمخرج أسامة رزق، وباستخدام أحدث تقنيات التصوير والمعالجة الفنية. تبدو مقاطع المشاهد، وزوايا اللقطات واستخدام الإضاءة والموسيقى التصويرية مع الحوارات القصيرة المكثفة مناسبة لفيلم سينمائي أكثر منها لحلقة تلفزيونية.
يعتبر أداء الممثل نادر اللولبي في دور المعتصم، وهو الشخصية الرئيسة في الفيلم القصير، مقبول إلى حد كبير رغم الرتابة وفقدان الحيوية في بعض المشاهد في البداية، ويعزو ذلك لنقص خبرته والدراسة والتدريب – ربما يتداركه مستقبلاً – إلا أن أداءه تحسن ونجح في الجانب الكوميدي من الفيلم. وتمتع الممثل واصف الخويلدي بحضور خفيف الظل في اللقطات القصيرة التي ظهر فيها. منح التصوير والمونتاج مع الموسيقى التصويرية لأحداث الفيلم القصير حيوية وتشويق، بالإضافة للكوميديا الراقية المقدمة في الفيلم دون ابتذال أو ركاكة عند طرح مثل هذا النوع من المواضيع.
يدخل هذا النوع من الأفلام القصيرة ضمن توجه سينمائي يركز على مواضيع حقوق الإنسان والتغيير الاجتماعي، تحث المشاهدين على التفكير وطرح القضايا للنقاش على نطاق واسع في المجتمعات. فالأفلام لديها القدرة على الوصول إلى شريحة واسعة في أي مجتمع، كما تملك إمكانية إنجاز الكثير مما لا يمكن أن تفعله أي برامج حوارية أو مطبوعات حول حقوق الإنسان. كما يمكن لها أن تلعب دور هام في التوعية حول التعصب الاجتماعي والفكري في المجتمع، وتساهم في التعريف بالتحديات الكبيرة في الفترات الانتقالية التي تمر بها المجتمعات خلال التغييرات السياسية الكبيرة.
في هذا الإطار أرى أن فريق عمل “العشوائي” نجح في تسليط الضوء على هذه الظاهرة المستجدة، أي التصنيفات الفكرية والسياسية العبثية في مجتمع ما بعد الثورة في ليبيا، وباعتقادي أنه لو توفرت الإمكانيات المادية والفنية بشكل أفضل وضمن ظروف أكثر استقرارًا، سنشاهد أفلام قصيرة وطويلة تعالج مشاكل وأزمات هذا المجتمع بشكل أفضل وأعمق، وهو ما آمله.
قام ببطولة فيلم “العشوائي” الذي تبلغ مدته 25 دقيقة: نادر اللولبي – محمد عثمان – واصف الخويلدي – رمضان المزداوي – مهند كلاش – محمد الصادق، وهو من تأليف الكاتب الليبي سراج هويدي ، ومن إخراج أسامة رزق، والموسيقى التصويرية لربيع الزموري.
عُرض الفيلم ضمن عرض خاص في الدورة الثالثة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الانسان في تونس عام 2014.
قامت مؤسسة العين وشركة أرت برودكشن بإنتاج هذا العمل الفني في محاولة جادة لتقديم ما يساهم في رفع وعي المواطن العادي رغم كل الظروف الصعبة التي تشهدها ليبيا خلال العامين الأخيرين. نتمنى أن يتم عرض هذا الفيلم في عروض خاصة لطلاب المدارس والجامعات و في القنوات الفضائية الليبية.
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «الفيلم الليبي القصير “العشوائي” يرصد ظاهرة التصنيفات الحادة بالمجتمع الليبي بعد ثورة فبراير». الأصوات العالمية. 18 سبتمبر - أيلول 2016.
شارك الخبر:
|