الخطة النازية لتوطين اليهود في مدغشقر، أحد الاحتمالات المنسية خلال الحرب العالمية الثانية
الأربعاء 10 فبراير 2016
التاريخ زاخر بالتساؤل الأثير: (وماذا لو؟)، فالعديد من الكتّاب والمؤرخين على حد سواء انهمكوا في تخيّل سيناريوهاتٍ بديلة في حال لو أنّ حدثًا ما قد حصل بشكلٍ مختلف. على سبيل المثال: ماذا لو أنّ قوات دول المحور انتصرت في الحرب العالمية الثانية؟ (كما تخيّل الكاتب الأمريكي فيليب .ك ديك). أو ماذا لو أنّ نابليون استطاع احتلال روسيا عام 1811؟ أو حتى احتمال نجاة الرئيس الأمريكي جون ف. كينيدي من محاولة الاغتيال عام 1963؟
إحدى الاحتمالات المنسية هي خطة مدغشقر والتي كادت تُنفذ خلال الحرب العالمية الثانية، كسياسة مقترحة من قبل الحكومة الألمانية النازية لإرسال يهود أوروبا إلى جزيرة مدغشقر في خضم الحرب. الخطة المقترحة من قبل فرانس راديماتشير رئيس القسم اليهودي في وزارة الشؤون الخارجية، تضمنت تسليم مدغشقر والتي كانت محميّة فرنسية آنذاك، إلى ألمانيا كجزءٍ من اتفاقيّة الاستسلام. وقد صادق أدولف هتلر على المخطط في 15 أغسطس/ تموز من عام 1940 الذي أوعز بدوره إلى أدولف آيخمان بأن يبدأ العملية، وذلك بتوطين مليون منهم كلّ عام خلال أربع سنوات في مدغشقر لكونها دولةً بوليسية تحت إمرة منظمة (إفن أس أس) العسكرية. وفي نهاية المطاف احتُفط بالمخطط في الأرشيف، واختار النازيون بدلاً عنه الإبادة الجماعية الممنهجة للشعب اليهودي.
ماغنوس بريشتكين، أستاذ ألماني مساعد في جامعة نوتينغهام والمتخصص بدراسات حول تلك الحقبة من الحرب العالمية الثانية، شرح بالتفصيل عبر الفيديو التالي [باللغة الإنكليزية] ما تضمنته خطة مدغشقر:
Magnus Brechtken talking about the Nazi Madagascar Plan على يوتيوب
إحدى أسباب التخلي عن خطة مدغشقر يرجع لكون ألمانيا لم تتمكن من هزيمة بريطانيا العظمى، كما أنها لم تستطع السيطرة على الأسطول البحري والذي كان يشكل عنصرًا هامًا وضروريًا لتأمين خطوط النقل والإمدادات. تابع هتلر تبنيه لهذا المخطط حتى عام 1942 عندما تمكنت القوات البريطانية في النهاية من إنهاء سيطرته على مدغشقر الفرنسية الفيشية، ما وضع النهاية الحاسمة للمخطط.
الموقع الملغاشي (My Asa Mada) أو (أرشيف معركة مدغشقر خلال الحرب العالمية الثانية) استرجع مجموعة سجلات تاريخية تُصور المعارك التي حصلت بين قوات بريطانيا العظمى والقوات الفرنسية (الفيشية) في مدغشقر عام 1942. فيما يلي بعض الصور والفيديوهات لتلك الحقبة من مادة على الموقع:
الفيديو التالي يعرض وصول أسطول البحرية البريطاني برفقة قوات فرنسا الحرة إلى مدغشقر:
Pathe Gazette Special - Madagascar First Pictures (1942) على يوتيوب
في 28 يناير/ شباط، اليوم التالي لذكرى المحرقة اليهودية في المملكة المتحدة، توجّه الشعب الملغاشي إلى شبكة الإنترنت ليتفاعل حول الاحتمالات المترتبة على السؤال المطروح: “وماذا لو نُفذت خطة مدغشقر؟”
تومافانا، مدّون ملغاشي يقيم في (جينيف، سويسرا) كتب أنّ هذه القصة تحمل في طياتها احتمالات عديدة تدفعنا للقيام بالإسقاط التالي:
«النص الأصلي:Bien que l'idée 1) d'épargner plusieurs milliers de vies me soit séduisante, j'avoue manquer d'imagination pour imaginer un monde meilleur avec seulement des “si”. Jour après jour, mon action est plutôt dictée par le désir de léguer à nos descendants un monde moins pire que celui que nous avons reçu de nos parents … et inutile de dire que ce n'est pas aussi aisé»
«ترجمة:على الرغم من أن الفكرة الأولى تجذبني لكونها تطرح احتمال انقاذ آلاف الأرواح، أعترف بافتقاري إلى الخيال اللازم لتصور هذا العالم أفضل حالاً لمجرد الاحتمال! يومًا بعد يوم تتركز اهتماماتي بشكل رئيسي حول الرغبة في توريث أحفادنا عالمًا أقل شرًا من الذي ورثناه عن آبائنا.. ويكفي القول بأنها ليست بالمهمة السهلة هذه الأيام.»
رانديانا مواطنة فرنسية مقيمة في فرنسة، تتساءل إن كان الوضع في مدغشقر سيكون شبيهًا بوضع فلسطين الحالي فيما لو نفذت خطة مدغشقر:
«النص الأصلي:Given the conflict in the occupied territories in Palestine today, the most pessimistic voices during the implementation of the . Balfour Plan (the establishment in Palestine of a national home for the Jewish people) have now been overtaken by the harsh reality. Imagination, at that time, wasn't gloomy enough to predict the human tragedy of modern Middle East. (As for Madagascar), the Colonial period had left too many wounds, and some of them were still wide open long after liberation. A nation, after all, reacts to difference like an individual. You can only accept the other if you are at peace with yourself. Anyway, the Madagascar Plan had the same evil roots as the Ghetto and the Final solution plan: a racial pyramid, glorifying the Aryen race, where Africans, of which Malagasy, Tziganes were not even considered as humans.»
«ترجمة:حسب معطيات النزاع الحالي داخل الأراضي الفلسطينية، الواقع القاسي فاق أكثر الأصوات والتوقعات تشاؤمًا خلال فترة تنفيذ وعد بلفور، حينها لم يكن الخيال سوداويًا كفاية ليتنبأ بحجم المأساة الإنسانية التي ستحل بشرق المتوسط.
أما بالنسبة لمدغشقر فإن العهد الملكي خلّف الكثير من الجراح وبعضها مايزال مفتوحًا بعد مضي زمن طويل على استقلالها. الوطن كذلك، وكأي فرد يشعر بالفارق. يمكنك أن تتقبل الآخر فقط إذا كنت في سلام مع نفسك. على أي حال، خطة مدغشقر كانت تحوي في طياتها ذات البذرة العنصرية الخبيثة التي تضمنها الخطة النهائية: هرمٌ عنصري يُمجد العرق الآري حيث لم يكن الإفريقيون والملغاشيون والغجر جزءًا منه، كبشر.»
لن نعرف مطلقًا ما الذي كان سيحدث لو أنّ ألمانيا نفذت خطة مدغشقر، لكن المعروف أن مدغشقر كانت نقطة حاسمة في الكثير من القرارات المتخذة خلال الحرب العالمية الثانية، مع أن قدر شعبها لم يُؤخذ بالحسبان في غالبية تلك القرارات حينها.
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «الخطة النازية لتوطين اليهود في مدغشقر، أحد الاحتمالات المنسية خلال الحرب العالمية الثانية». الأصوات العالمية. 10 فبراير - شباط 2016.
شارك الخبر:
|