البرتغال: جيل الاحتجاجات، أحمق وبائس
الثالث 15 مارس 2011
ها قد اندلعت الاحتجاجات. في الثاني عشر من مارس/ آذار 2011 احتشد الشباب في العديد من مدن البرتغال كما تظاهروا أمام بعثات بلادهم في جميع دول الاتحاد الأوروبي. بحسب منظمة جيراسوا هاسكا (جيل البؤس) فالتظاهرات محايدة، لا حزبية، علمانية وسلمية ترمي لتعزيز المشاركة الديمقراطية في البلاد. وقد نشأت كتحرّك عفوي بدأ من على فيسبوك وفي أقلّ من شهر جمع أكثر من 64.639 أشخاص أعلنوا عن نيتهم بالمشاركة فيه. [جميع الروابط بالبرتغالية والإنجليزية]
«النص الأصلي:نحن العاطلون عن العمل، جماعة ال500 يورو (نسبة إلى الدخل الشهري) وغيرهم من ذوي الأجور المنخفضة، العبيد المقنعين والمتعاقدين من الباطن والمؤقتين والمستقلين (إذا افترضنا ذلك نظراً لكون عملية التوظيف تمت على هذا الشكل لتفادي عبئ الضمان الإجتماعي)، العالمين بالتناوب والمتدربين والطلّاب العاملين وأمهات وأبوات وأطفال البرتغال، نحتجّ من أجل:
– الحق في التوظيف! من أجل الحق في التعليم!
– من أجل تحسين ظروف العمل ووضع حد لهشاشة العمل!
– من أجل الاعتراف بمؤهلاتنا وكفائتنا وخبراتنا مما ينعكس في معاشات وعقود عمل محترمة.»
البطالة بالأرقام في ديسمبر/ كانون الأول 2010 ، نشرت إذاعة أخبار تي إس إف أرقام تعود للمركز الوطني للإحصاء تفيد أن أكثر من 300.000 شاب ليس لديهم أي نشاط اقتصادي. بحسب الإذاعة ذاتها فإن 23% من الشباب عاطلون عن العمل، 720.000 لديهم عقود عمل قصيرة المدى، كما هناك ارتفاع بنسبة 14 % في عدد أولئك الذين يعملون لصالح أنفسهم، خلال الثلاثة أشهر الماضية. يشرح ريكاردو سالابير، من حركة فيرفي على مدونة إبيجرافي ما يحصل في سوق العمل.
«النص الأصلي:إن رسيبوس فيردي، نموذج تحرير فواتير لأولئك العاملين لحسابهم الخاص كالذين يقدمون خدمات مؤقتة أو عرضية لعدة وحدات (شركات أو أفراد) كالأطباء والمهندسين وغيرهم الذين بوسعهم استخدام هذا النظام لتحرير الفواتير لزبائنهم من دون الاضطرار إلى تسجيل أنفسهم كشركات.»
و بهذا تتسع شريحة العمال الذين يفتقرون إلى أي نوع من الحماية الاجتماعية (في حالة المرض والحمل ووفاة قريب) من دون أي عطل أو إجازات أو غيرها من سبل الدعم. بوسع هؤلاء العمال أن يتعرّضوا للطرد من قبل مخدومهم في أي لحظة إذ أنه وبحسب القانون لا تربطهم أي علاقة بالشركة. هناك عشرات الآلاف من البرتغاليين من جميع الأجيال، بصفة “رسيبوس فيردي مزورة” يسدون خدمات للشركات بنفس الشروط التي ينصّ عليها عقد عمل كما هو منصوصٌ عليها في قانون العمل ( المادة 12) والذي يبقيهم في وضع هش.
الموسيقى في خدمة النضال
قد يدعوهم البعض ب”جيل اللا و لا” كما يشرح روي روشا على مدونة (جريمة الرأي):
«النص الأصلي:لا يدرسون ولا يعملون. (…) نظرياً إن هذا الجيل مؤهل ومحضّر أكثر من سالفه وهو يتسّم أيضاً بثقة كبيرة في النفس. بيد أنهم أيضاً فريسة سهلة لتداعي سوق العمل وهم عاجزون عن إيجاد مخرج كما أنهم عاجزون عن مقاومة الأوضاع الراهنة. في هذا الإطار، يحدد علماء الاجتماع سمة بارزة في هذه المجموعة: غياب أي خطة لحياتهم. وأبرز مظاهر هذه السمة: اللامبالاة والتراخي والكسل..»
في أواخر شهر يناير/ كانون الثاني، قدّم فريق ديوليندا الموسيقى في إحدى عروضهم، أغنية لم يسبق أن أنشدت من ذي قبل، تؤجج المشاعر وتعطي اسماً وصوتاً لمن أصبح في وقت لاحق معروف بالجيل الأخرق.
Deolinda - Parva que Sou, Coliseu do Porto. Assim damos a volta a isto! على يوتيوب
«النص الأصلي:أنا من جيل لا يتقاضى أتعاب والأمر لا يزعجني حتى. يا لي من أخرق. ذلك أن الأحوال سيئة وستستمر على هذا المنوال. مع ذلك فأنا محظوظ أنني حظيت بتدرّج. يا لي من أخرق وبعدها أتساءل يا له من عالم أخرق، حيث ليضحي المرء عبداً، عليه بالدراسة………»
أضحت أغنية ديوليندا التي فاق عدد مشاهديها 500.000 على يوتيوب، نشيداً للجيل الأخرق. بعد عدة أيام ذكرت إيزابيل ستيلويل، مديرة إحدى الصحف البرتغالية، في افتتاحيتها “إن درسوا وما زالوا عبيداً، فهم خرق بالفعل. خرق لإنفاقهم أموال أهاليهم وضرائبهم على الدراسة وانتهى بهم المطاف ألا يتعلّموا شيئاً. تفاعل القرّاء مع المقالة بشدة وتم تداول النص في الإعلام الإجتماعي. أضحى النشيد كالبارود الذي أشعل الفتيل لكلّ من يشعر أنه يدفع ثمن أخطاء الجيل السابق.
مشاكل كثيرة و حلول قليلة
صحيح أنه من جهة وحّد هذا الأمر العديد من الأطراف، بيد أن هناك آخرين فضلوا تحييد أنفسهم عنه. كما أيقظ هذا الحراك، جدالات كانت في شبه سبات. ففي حين تتطرّق مدونة او جيميانتو (غبي) إلى التضامن ما بين الأجيال (أو غيابه)، تسأل هلينا ماتوس من على مدونة بلاسفيمياس (كفر) عن مدى شرعية مطالبة هذا الجيل بنفس حقوق أهلهم.
«النص الأصلي:إن المطلوب ممن يلقبون أنفسهم بجيل البؤس عدم حث الأكبر منهم سناً إلى تغيير نمط حياتهم بل المطالبة بأن يتمكنوا هم أيضاً من الحفاظ على هذا النمط. أما من سيأتي بعدهم، فسيتدبر أمره. بالمختصر المفيد، بعد سنوات قليلة، سنشهد احتجاجات لجيل يصف نفسه بنعوت أسوأ بكثير من “البؤس”.»
لويس نوفايس تيتو يناشد بتغيير الوضع الراهن على مدونة أباربياريا دو سينيور لويس (صالون حلاقة السيد لويس) ويطلق تحذيراُ فيما يختصّ بصراع الأجيال:
«النص الأصلي:أوافق أنه عوضاً عن النياح والتباكي في الزوايا والتحجج “لم يعد بوسعي الاستمرار بعد الآن”، توجه إلى الشارع واهتف أن الوقت قد حان للتغيير قبل أن يرسلوك مغلّفاً ومسافراً.»
إذاُ من مقالات وتعليقات فافتتاحيات وآراء على وساءل الإعلام التقليدية، هناك من ما زالوا يسعون أن يدفعوا المجتمع إلى قلب المشكلة: أسبابهم وحلولها (علماً أنه من الأسهل الاتفاق على الأسباب منه على الحلول). وهكذا فقد امتدّ النقاش ليشمل دور الدولة و المشرّع ناهيك عن ال جامعات والتعليم العالي.
هذه هي حال البرتغال “البلد الخلوق” والتي امتلأت سلته بالامتثال وفاضت. نائياً بنفسه من إيجاد منصة تشاور والطبقة السياسية والمجتمع المدني والجيل المعني، فإن الحركة التي نمت وانتشرت رغم كلّ شيء، تبحث الآن لنفسها عن طريق البلوغ. اليوم أول اختبار ونظراً لهشاشة تعداد الأرقام على شبكات التواصل الاجتماعية، فإنه فقط حين تحين الساعة، لنعرف مدى رغبة هذا الجيل بتغيير البلد. وها نحن ننتظر على أحر من الجمر.
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «البرتغال: جيل الاحتجاجات، أحمق وبائس». الأصوات العالمية. 15 مارس - آذار 2011.
شارك الخبر:
|