إيلانٌ آخر في طاجيكستان: طفلٌ لاجئ يُقتل على يد السلطات الروسية
الثالث 10 نوفمبر 2015
أثارت وفاة طفل ذو خمسة أشهر لعائلة مهاجرة من طاجيكستان وتسكن في سان بيترسبورغ، قضية حساسة لروسيا بقدر ما هي لطاجيكستان.
ورغم عدم معرفة الظروف الحقيقية لوفاة الطفل عمرعلي نازاروف، يرى الكثيرون في كلا البلدين، أن المسؤولية تقع بأكملها على الجانب الروسي.
في 13 من أكتوبر/تشرين الأول من 2015 وخلال ملاحقة المهاجرين الغير شرعيين، قام ضابطٌ من القوات الفدرالية الخاصة باللاجئين في روسيا (FMS) في حيّ أدميرلتيسكي في سان بيترسبورغ بتوقيف مواطنَين طاجيكيين وابنهما ذو الخمسة أشهر، اقتيد الزوجين إلى مركز الشرطة بتهمة خرق قانون الهجرة في حين فرقت الشرطة الصغير عن أبويه الذين لم يعاودا رؤيته حيّا مرةً أخرى.
يُرغم آلاف المواطنين الطاجيك على مغادرة البلاد كل عام، التي تعتمد بشكلٍ رئيسي على التحويلات الخارجية التي غالبًا ماتكون من روسيا. بسبب الإجراءات الصعبة للهجرة وتنامي النزعة القومية كنتيجة حتمية، يدفع المهاجرون ثمن التمييز أو عدم المساواة للحصول على فرصٍ اقتصادية أفضل.
قالت محرينيسو نازاروفا، جدّة عمرعلي، بأنها حاولت إخراج الطفل من مركز الشرطة، لإعطائه الحليب، لكنها فشلت. أخبرت نازاروفا إحدى المحطات الروسية (دوزهد) بأنّ الضباط سخروا من لهجتها.
تلقّى والدا الطفل عمر علي خبر وفاته في الصباح التالي حين أدّعت الشرطة أن سبب وفاته كانت نتيجة مرض في جهاز التنفس.
شبّه مستخدموا الإنترنت في طاجيكستان وفاة عمر بوفاة إيلان الكردي، الطفل السوري ذو الأعوام الثلاثة الذي غرق في محاولة للوصول إلى اليونان.
نُفيت عائلة إيلان من بلدها بسبب الحرب بينما هربت عائلة عمرعلي بسبب البطالة المستمرة في بلد الاقتصاد الأضعف في آسيا الوسطى.
في 27 من أكتوبر/تشرين الأول، أشارت مديرة موقع حقوق الإنسان الروسيّة، تانيا لوكشينا إلى السبب الذي جعل هذه القضية تُحدث ضجة كبيرة:
«النص الأصلي:Even if every last detail emerges…what will forever be etched in the public mind is that Russian authorities unjustifiably separated a baby from his mother, gave her no information for almost a full day, and then told her family to retrieve the body.»
«ترجمة:إلى أن ينكشف أدق تفصيل ..ما سيبقى مطبوعًا في الذاكرة العامة إلى الأبد هو الفصل غيرعادل وغير المبرر للطفل عن أمّه من قبل السلطات الروسية وإخفاء الخبر ليومٍ كامل، ومن ثم الطلب من العائلة استلام الجثة.»
أحدثت قصة عمر علي المأساوية ضجة شعبية كبيرة في طاجكستان، حيث نُظمت قصائد على روح الطفل، وفردت لها لجرائد المحلية عناوينها الرئيسية، وغير مستخدموا فيس بوك صور صفحاتهم تعبيرًا عن التضامن.
وقع مئات الأشخاص على عريضة إلكترونية، موجهة إلى الرئيس الروسيّ ڤلاديمير بوتين، ونظمت الجالية الطاجكستانية مظاهرة ً بالقرب من القنصلية الروسية للمطالبة بتحقيق دقيق في القضية.
اقتباس فارغ!
«ترجمة:كلّ ما نطلبه هو تحقيق العدالة لهذا الطفل ذو الخمسة أشهر المدعو عمر، والذي قُتل في روسيا !»
بينما وصف قرّاء الأخبار المحلية على شبكة الإنترنت سياسة النظام الروسي اتجاه اللاجئين الطاجيك “بالفاشية”.
في نصٍ كُتب آسيا بلوس، كتب أمين:
«النص الأصلي:Россия это страна фашизма 21 века. Жаль, что история свела нас таджиков с этим народом. Урок в том, что нужно строить свою сильную страну гда нам всем захочется жить и не зависеть от фашиствуюцших народов…»
«ترجمة:روسيا هي بلد الفاشيّة في القرن الواحد والعشرين. إنّه لمن المؤسف أنّ التاريخ قد جمع يومًا طاجيكستان مع هذا البلد. الدرس الذي تعلمناه هو أننا بحاجةٍ إلى بناء بلدٍ قويٍّ حيث نعيش أحرارًا من النظم الفاشيّة.»
ربما هنالك المزيد من المعاناة بانتظار عائلة عمرعلي.
صرّح وزير الداخلية بأن الشرطة لم تقم بأيّ إجراءٍ من شأنه التسبب بموت الطفل.
نسبة لبوريس فيشنيفسكي، عضوة المجلس المحلي لسان بيترسبورغ، تبحث السلطات أمر توجيه تهمة “ التنشئة الغير صحيحة لقاصر” لعائلة الطفل.
فيشنيفسكي، التي تنتمي للحزب الليبرالي المعتدل، في يابلوكو، أرسلت ورود إلى قنصلية طاجكستان، وطلبت من الشعب الروسي أن يتخيل ردة الفعل فيما لو توفي طفلٌ روسي بهذه الطريقة في طاجكستان:
«النص الأصلي:…формально можно говорить, что дело не в его национальности. Но я абсолютно уверен, что вряд ли бы в такой ситуации так бы обращались с другим ребенком, если бы это не были мигранты, которые, к сожалению, у нас в городе полицией и другими органами власти часто считаются людьми, не имеющими никаких прав, по сути дела, людьми второго сорта, с которыми можно делать все, за которых никто не заступится, которые не посмеют защитить себя и возмущаться. Я думаю, что эти факторы, без сомнения, здесь сыграли свою, к сожалению, ужасающую роль.»
«ترجمة:رسميًّا، يمكننا القول بأنّ الأمر لا يتعلق بجنسية الطفل، ومع ذلك، أنا على ثقةٍ بأنهم لم يتعاملوا مع الطفل بهذه الطريقة لو لم يكن من اللاجئين، الذين وللأسف تعتبرهم الشرطة والسلطات الأخرى أسخاصًا بدون أيّ حق من الحقوق. أشخاصٌ من الدرجة الثانية، الذين يمكنها أن تفعل بهم ماتريد، أشخاصٌ لا يدعمهم أحد، لا يجرؤون على الدفاع عن أنفسهم، أو التعبير عن سخطهم. بدون شك أعتقد أنّ جميع هذه العوامل قد اجتمعت معًا هنا بشكلٍ فظيعٍ ومؤسف.»
هذه هي الخسارة الثانية لعائلة نازاروف في بيترسبورغ، في العقد الماضي قُتل ابن محرينسو وعم عمرعلي. ولم يُعرف الفاعل أبدًا.
ووفقًا للخدمات الاتحادية للهجرة في روسيا هناك 984 ألف مهاجرٍ طاجيكيّ مسجل في البلاد. منذ 2015، هناك أعداد غير معروفة تعمل بشكلٍ غير قانوني. منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول، أكثر من 1500 من الطاجيك قد رُحلوا من موسكو وضواحيها.
صرّح السكرتير الصحفي لبوتين في28 أكتوبر/تشرين الأول بأن الرئيس الروسي “على علم” أو ” على رأس” التحقيقات بمقتل الطفل عمرعلي، بينما لم يذكر رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن الموضوع نهائيًا. ربما خشيّ إغضاب روسيا أو تغذية العداء ضدّ الأقلية الطاجيكية الموجودة في روسيا.
دون أيّ رد فعلٍ غاضب من عناصر الشرطة، ألقى الشاعر الطاجيكي سفاري صوفي هذه الأبيات:
«النص الأصلي:Маро бахшо, Умар, ки дасткутоҳам дар ин ғурбат
Наметонам кунам коре барои ту, барои худ…
Умар! Марги ту рамзи нотавониҳову бенангист,
Бишав қосиди поки қавми ман назди Худои худ.
Бирав аз ман ва аз мо бар Худои худ шикоят кун,
Ва аз беғайративу аҷзи қавми мо ҳикоят кун,
Умар, эй ту фаришта, эй ту мазлум, эй шаҳиди пок,
Зи бедоди, зи ғурбат, аз ситамгорон ривоят кун.»
«ترجمة:سامحني عمر، لاحيلة لي في هذه المصيبة،
أنا عاجز عن فعل أيّ شيء لك، أو لي..
عمر! موتك رمز الضعف وانعدام الضمير
كن سفير بلدنا الطاهر أمام الله.
أتركني وإشفع لنا عند الله،
وحدثه عن ضعف شعبنا وجبنه،
عمر، أنت ملاكٌ مقهور، شهيدٌ طاهر.
حدّثه عن الظلم وعن الظالمين…»
كتبت موفيزا كينجايفا مقالات عن هذه القصة أيضًا.
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «إيلانٌ آخر في طاجيكستان: طفلٌ لاجئ يُقتل على يد السلطات الروسية». الأصوات العالمية. 10 نوفمبر - تشرين الثاني 2015.
شارك الخبر:
|