أفريقيا: التنمية أم الديموقراطية، أيهما يأتي أولاً؟
الأثنين 2 يوليو 2012
اختُتم المنتدى الاقتصادي العالمي الثاني والعشرون (WEF) والذي عُقد في أديس أبابا ما بين التاسع والحادي عشر من مايو/اذار، لكن حقيقة أن المنتدى اختار اقتصاد أفريقيا المتسارع النمو ليكون محوراً له ما زالت موضوع نقاش مستمر على الإنترنت.
في حلقة نقاش منتدى الاقتصاد العالمي عن القيادة الأفريقية، أثنى رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي بإنجازات حكومته الاقتصادية ورفض الادعاءات التي تقول بوجود علاقة بين النمو الاقتصادي والديموقراطية. قال زيناوي:
«النص الأصلي:لاتوجد علاقة مباشرة بين النمو الاقتصادي والديموقراطية، لا في السياق النظري ولا التاريخي. أنا لا أصدق حكايات ماقبل النوم، الادعاء الخرافي الذي يربط النمو الاقتصادي بالديموقراطية. الديموقراطية ضرورية لإبقاء الأمة الأفريقية الغنية والمتعددة متحدة..»
برغم ما إدعاه ميليس زيناوي، يرى نقاد أن النمو الاقتصادي السريع الذي يأتي على حساب الديموقراطية هو نمو مؤقت وسطحي. المعلق والناقد المقيم في كيب تاون، إرمياس كاسايي، لا يعتقد هذا. في رد على ملاحظة لإندالك (كاتب المقال) على الفيسبوك، كتب:
«النص الأصلي:إن عقلية العبيد دائما ما تستمتع بقمع الأحرار، عقلية تستمتع فقط بملئ البطون، دون أن تفكر لو لمرة واحدة في الحرية. إن السبب الرئيسي للنمو هو توفر الديموقراطية والتقكير الحر، ولكن عندما تحدث التنمية على أنقاض الديموقراطية، فإن يوم واحد كافٍ للغاية لهدم كل شيء تماماً.»
في التدوينة التي كتبها لمدونة البنك العالمي، يناقش كبير اقتصاديي البنك العالمي جستن يفو لين:
«النص الأصلي:أنا أخالف أولئك الذين يؤكدون أن أثيوبيا والدول الأفريقية المقاربة لها في الدخل مثقلة بقضايا الحكم، الفقر، وقلة مناخات الاستثمار بحيث أنها لا يمكن أن تهرب من فخ العوز. كلاً من الصين وتايوان، الصين – بالتحديد وأنا أنتمي لها- بالإضافة لدول أخرى عديدة للتو أنشأت اقتصادات صناعية جديدة كانت منذ عقود فقط بنفس مستوى الفقر وكانت (مثل إثيوبيا) مكبلة بالفساد والمعوقات الأخرى. العديد من هذه الدول ما تزال تصنف في مستوىً منخفض في مؤشرات السلطة وبيئة الأعمال حتى اليوم. لقد كنت متابعاً ومشاركاً في تحول الصين الاقتصادي بعيداً عن الزراعة وأنا واثق أن تطوراً وتحولاً شبيهاً ممكن الحدوث في أفريقيا»
أضاف لهذا ملاحظته أن:
«النص الأصلي:المطلوب هو ما أسميه ‘التفكير التنموي 3.0‘، أسلوب مبني على التعرف على ما تمتلكه الدولة (هذا يشمل الهبات الممنوحة لها) وما الذي يمكن لهذه الدولة أن تجيد صنعاً ( وهذا يعني الأفضلية النسبية). كجزء من هذا، على الحكومات أن تلعب دوراً نشطاً لمساعدة القطاع الخاص ليساهم في ما يمكن للدولة أن تجيد وتتقن.
اقتصادات التنمية غالباً ماكانت تركز في الماضي على ما كان ينقص الدول النامية وما الذي لا تتقنه. أحد الأمثلة على هذا هو محاولة دعم الصناعات الثقيلة باستخدام استراتيجية تعويض الاستيراد مبنية على مايمكنني تسميته بالبنى -الاقتصادية- القديمة أو ‘التفكير التنموي بنسخته الأولى 1.0‘. أسلوب التفكير الاقتصادي هذا غالباً ماكان يتعبه التركيز على قضايا الحكم والسلطة كما يتصورها ويجمع عليها الليبراليون الجدد في واشنطن- ما أسميه بـ ‘التفكير التنموي 2.0‘. ثمار التنمية التي تبنت هذه النماذج 1.0 و2.0 كانت بالمجمل مخيبة للآمال.
بالمقابل، التفكير التنموي 3.0 يقترح تغييراً في العقلية وطريقة التفكير– علينا أن نتوقف عن إخبار أفريقيا وبقية الدول ذات الدخل المنخفض ما الشيء الخاطئ وما الذي ينبغي لهم إصلاحه بدلاً من العمل معهم على استكشاف نقاط القوة لديهم والمصادر التي يمتلكونها الآن. نقاط القوة هذه يمكن أن تكون مصدر للدخول في المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.»
لكن العديد من مستخدمي الإنترنت تساءلوا عما إذا كان تفضيله للتنمية على الديموقراطية هو فكرة قابلة للتطبيق في سياق الوضع الحالي في أثيوبيا. سأل معلق بلا اسم على مدونة البنك العالمي:
«النص الأصلي:كإثيوبي أجد من الصعوبة تقبل ما كتبته عن البلاد. النهج الذي تقوم عليه التنمية الإثيوبية هو دعائي أكثر من كونه معتمد على حقائق تحصل على أرض الواقع. تخيل، إثيوبيا هي بلد تحصل على 3 بلان دولار من المساعدات كل عام. النظام فيها مستأثر بالسلطة في العشرين عام الماضية، معدل النمو المحلي عندما يتم توزيعه على عدد السكان مازال متوقفاً بلا نمو منذ 20 عام مضى. عشرون عام، حتى أثناء الحكم العسكري الديكتاتوري، كان للناس قدرة على الحصول على وجبتين كحد أدنى يومياً، الآن وبعد عشرون عاماً من مساعدات البنك الدولي، لا يتمكن الناس من إطعام أنفسهم وجبة واحدة في اليوم.
في إثيوبيا حيث السرقة من المنكرات حسب التعاليم المسيحية، أصبح الفساد الآن ثقافة وطنية. إنك ترى ناطحات السحاب في أديس أبابا، لكنها مملوكة من النخبة الحاكمة، مسؤولو الجيش وأتباعهم. مع هذا 7 ملايين فرد مدرجين تحت برنامج الحماية الشاملة، والذي يمول بشكل أساسي من البنك العالمي، و4 ملايين فرد يحتاجون مساعدات غذائية مباشرة وعاجلة. الإثيوبيون يختلفون خارج أديس أبابا عما هم داخلها. الحكومة تُجمل أديس أبابا لتوحي للأجانب أن الدولة تنمو، ولكن 100 كيلومتر خارج حدود العاصمة تغير كل شيء. إثيوبيا هي بلد تنتشر فيه اختراقات حقوق الإنسان بشكل واسع، وأنا لا ألومك إن قللت من قيمة وأهمية الحرية والديموقراطية للتنمية كونك ولدت ونشأت في الصين، ولكن ولغرض المقارنة تصور حال ليبيا قبل القذافي.
لقد كانت ليبيا غنية وذات بنى تحتية جيدة، لكن الدولة تحولت لحطام في سنة واحدة فحسب. مصير الصين لن يختلف عن ليبيا وإثيوبيا ستكون أسوأ. نحن الإثيوبيون نحتاج لحكومة مستقرة أولاً قبل أن نفكر أي نهج للتنمية سنسلك. بمجرد أن ننشئ حكومة مرتكزة على انتخاب حر، لن يكون من الصعب تغيير البلاد للأبد. على البنك العالمي أن يصغي لنداء الإثيوبيين؛ الحرية أولاً. الحرية هي من تخبز الخبز لا العكس.»
أعلن البنك العالمي أنه سيبدأ تقديم الاستشارات على الإنترنت فيما يخص إستراتيجية شراكته مع إثيوبيا. بإمكان مستخدمي الإنترنت الإثيوبيين المشاركة على الموقع عن طريق اقتراح الأولويات التي يرونها مهمة للتنمية في إثيوبيا.
أفريكان كونفدينشيال، جريدة نصف شهرية تهتم بتغطية السياسة والاقتصاد في أفريقيا نشرت تقريراً يفيد أنه برغم تحقيق إثيوبيا لمرتبة عالية لكونها واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً، إلا أن استراتيجياتها السياسية ودورها في المنطقة مشكوك به:
«النص الأصلي:الغذاء، المسكن والمياه اعتبرت أكثر أهمية من الديموقراطية والنقابات العمالية. ‘ نحن نظام قاسً بشكل كبير، لا أحد ينكر هذا‘، يقول مسؤول في أديس أبابا في تصريح خاص. راسماً صورة أوضح لرؤية إثيوبيا للعالم، إرتيريا مهددة؛ الصومال ليست بالجارة المريحة؛ جبهة تحرير أورومو “التي تعتبرها الحكومة منظمة إرهابية” تحدث الكثير من الضجيج رغم كونها في حالة شتات تام. المنظمات غير الحكومية مثل هيومن رايتس واتش تواجه صعوبات في الدخول للمناطق المتضررة وقصص مريعة تتسرب من مخيمات اللاجئين عن القمع السياسي المتكرر.»
إضافة لهذا أظهر تقرير للإيكونوميست يحمل عنوان ‘صندوق استثمار جديد يشهد على جاذبية البلاد- وأهمية المحسوبيات فيها’ أن فتح باب الاستثمار في إثيوبيا معتمد على العلاقات والمحسوبيات.
إثيوبيا، ثاني أكبر دول جنوب الصحراء الأفريقية، متهمة دائماً باستخدام تقنيات رقابة وتقصي صينية لتقمع أصوات المعارضة في داخل البلاد.
- صورة المقال: رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي. مأخوذة من صفحة منتدى الاقتصاد العالمي على فليكر (تحت رخصة المشاع الإبداعي)
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «أفريقيا: التنمية أم الديموقراطية، أيهما يأتي أولاً؟». الأصوات العالمية. 2 يوليو - تموز 2012.
شارك الخبر:
|