انتقل إلى المحتوى

إبداعات السوريين: راديو سوريالي يبث عبر الإنترنت

من ويكي الأخبار

الجمعة 7 يونيو 2013


هذا المقال منشور أولاً في موقع سوريا مانحكت ويترجمه فريق الأصوات العالمية بالعربية

لا يعجز السوريون أمام أية صعوبات أو تحديات، فمن انتفض لمقارعة أعتى الاستبدادات التي عرفتها المنطقة العربية، بات كلّ شيء أمامه سهلا رغم صعوبته! و لأنّ “الحاجة أم الاختراع” كما يقول المثل العربي، أو ربّما لأن الهدف الذي عاهدوا أنفسهم على تحقيقه وهم يخوضون انتفاضتهم بات من التحدّي بحيث أن رفعوا شعار “الفشل مستحيل”، فهم أحرقوا سفنهم باتجاه ماضي الاستبداد، ويممّوا خطواتهم باتجاه مستقبل الحرية والديمقراطية التي ينشدون، فحملوا مسؤوليات كبرى دفعتهم لابتكار حلول إبداعية جميلة وطريفة للعوائق التي تقف في طريق أهدافهم، يأتي راديو “ سوريالي” الذي يبث برامجه عبر الإنترنت في مقدمتها، الأمر الذي دفعنا في “سيريانتولد” للبحث عن حكايتهم بدءاً من ولادة الفكرة وحتى سطوعها وتنفيذها في الفضاء العام، فما هي الحكاية:لاحظ مجموعة من الشباب السوري المنتمي لخلفيات متعددة ومناطق مختلفة ذات ثقافات تعكس الهوية السورية الغنية والمتنوّعة، أن ثمة أصوات سورية تغيب عن المشهد في ظل الانتفاضة، وأن ثمة مناطق تقصيها وسائل الإعلام، فآمنوا بضرورة “إيجاد إعلام بديل” يخاطب كل السوريين”على مختلف انتماءاتهم الدينية والفكرية والقوميّة، إعلام يحاول إيصال صوت السوريين إلى بعضهم، لأننا أحسّسنا أن أهم مشكلاتنا في سوريا أننا لا نسمع بعضنا البعض، دون تخصيص رسالتنا إلى جهة دون أخرى، بل نحاول الوصول إلى معظم قلوب السوريين، وخصوصاً من يطلق عليهم اسم “الأغلبية الصامتة”.

وهنا ولدت فكرة الراديو الذي انطلق في أكتوبر / تشرين الأول 2012 ليخاطب جميع السوريين، لأن الصوت يجتاز الحدود ويصعب كتمه، و “الأفكار لها أجنحة وما حدّش يقدر يمنعها من الطيران” كما قال المخرج المصري الراحل يوسف شاهين. وجاء اسم “سوريالي” نحتا لغويا من عبارتي “السوريالية” و”سوريا لي”، لتدمج بين الاحتجاج على واقع الفوضى الذي وصلته سوريا والذي بات سورياليا، وبين ضرورة عمل كل سوري على سورياه.

ولأن قلّة الموارد المادية تمنعهم من تأسيس راديو بمواصفات نظامية، دفعهم البحث عن حلّ لمشكلتهم لابتكار فكرة البث على الإنترنت عبر الموقع، “لأنها أشمل طريقة نوصل من خلالها رسالتنا إلى كافة السوريين، في الداخل والخارج، وحاليّاً وضمن وسائلنا وقدراتنا المحدودة هذا ما نستطيع فعله”، ولأن في فكرة البث افتراضيا عبر الإنترنت تأكيد على لا مشروعية النظام الذي بلغت دكتاتوريته حد منع الشباب السوري من إطلاق مشاريعه عبر الفضاء الحر، فتحايلوا على الدكتاتورية بإطلاقه افتراضيا منتظرين لحظة انهيار الدكتاتورية، ومساهمين بنفس الوقت في عملية انهيارها من خلال ما يقدّمونه من لقاءات وبرامج وحوارات، ساعين للانتقال من اللحظة التي كان فيها النظام يجبرهم على الكلام عبر “وشوشة” و همس، و أحياناً نفهم على بعض من دون ما نحكي لأنو ما نسترجي” إلى اللحظة التي نحكي فيها “عن أملنا و عزمنا و اصرارنا على حب بلدنا، يعني باختصار … نحكي من سوريا” لكي “نتنفس و نحكي مع بعض، و نسمع لبعض. بس خلينا نكون محضر خير و أمل، حتى “نصير يوماً ما نريد”، مع سعي واضح من قبل فريق العمل لتطوير الفكرة ونقلها من الفضاء الافتراضي إلى الفضاء العام” لكننا نحاول أن نبث عن طريق موجات الإف.إم والٌماء الصناعيّة، وسيكون ذلك قريباً جدا”.

ولتحقيق هدفهم بالوصول إلى كل السوريين يحاول فريق سوريالي الذي ” يؤمن بأن كل سوري، مهما كان انتمائه، هو جزء هام مما يحدث، وحجر أساس في بناء سوريا المستقبل”، اتباع “سياسة إعلامية بعيدة عن الإقصاء، توصل وجهات نظر مختلفة، وتحاول تعريف السوريين ببعضهم، عن طريق إسقاط الضوء على العادات والتقاليد المختلفة للسوريين على مختلف قوميّاتهم ودينهم وطوائفهم .. فسياستنا لا تتبنى موقفاً ينحاز إلى سوريّ دون الآخر، بل نحاول أن نقدّم خطاباً وأسلوباً عاماً جامعاً لأطياف ومكوّنات نسيج المجتمع السوري”.وفي التنفيذ العملي لأفكارهم يسعى فريق العمل لتسليط الضوء على كل قضايا المواطنين وثقافتهم وعاداتهم وسماع مشاكلهم مهما كانت بسيطة، إضافة إلى اهتمامه بقضايا المرأة وحقوقها، مقدّما كافة هموم السوريين دون أية خطوط حمر سوى الطائفية، عبر برامج متعددة مثل “سوء تقدير” وفنات” و”حكواتي سوريا”، عدا عن التغطيات الخاصة.

فبرنامج “فتوش”، يتناول ثقافات وتقاليد السوريين المختلفة، ومرّة قام بـ”إعداد حلقة خاصة عن الأكراد في سوريا وفي منطقة الجزيرة تحديداً، فجاءنا ما يقارب مئات الرسائل من تلك المناطق والتي تشكرنا فيها، وتبدي إعجابها بما يقدمه سوريالي”، لتكون تلك اللحظة إحدى اللحظات الجميلة التي عاشها فريق سوريالي، لأنها اعتراف بأهمية عملهم من جهة، ودليل على تحقيق ما يسعون له، إضافة إلى لحظة أخرى يذكرها فريق العمل بحبور وغبطة، وهي “أحد مستمعينا في أحد أحياء حمص، كانت تتوفر لديه الانترنت بشكل دائم، فاعتاد أن يستمع إلى سوريالي ويجمع عنده ما يستطيع جمعه من أصدقائه ومعارفه وأقربائه للاستماع إلى برامج سوريالي”.

وإن كانت الحادثة السابقة من اللحظات التي تقدّم لفريق سوريالي لحظة أمل وسعادة كما يقولون لموقعنا “سيريانتولد” و بأن جهدهم لا يضيع سدى فثمة صعوبات كثيرة تصادفهم، تكمن في جوهر فكرتهم المعتمد على الإنترنت، الأمر الذي يجعل منهم “مقاومون” من نوع آخر، مقاومون لأجل إيصال صوتهم وصوت السوريين المغيّب، حيث “مشكلة البث عن طريق الانترنت، فقد حجبت السلطات السورية موقعنا بعد أقلّ من أسبوعين من بثنا، كما حجبت كلّ ما يتعلق بسوريالي، حتى كلماته المفتاحية على محركات البحث، بالتالي يحتاج المستمع إلى طرق ووسائل وبرامج خاصة ليسمعنا داخل سوريا.ونظراً لأن معظم فريق سوريالي هو داخل سوريا، فإن الانقطاع المستمر للكهرباء وللإنترنت يصعّب عليهم عملهم، في تحضير وتسجيل المواد واجراء اللقاءات وبثها في الوقت المناسب”.ورغم ذلك يواجه فريق سوريالي صعوباتهم تلك بابتسامة تهزأ من الاستبداد والمستحيل عبر التأكيد على استمرارهم بالعمل وبأن “سوريالي هو صدى الشارع السوري الملوّن، وجزء من نسيجه الغنيّ، وتقع على كل السوريين في هذه المرحلة مسؤولية بناء غد أفضل لنا ولأبناءنا، فلنتعاون ولنكن يداً واحدة لننهض بسوريتنا”، لنكون أمام شباب سوري يبني بلده يدا بيد، وخطوة بخطوة، عبر تأسيس الجذر الأساس لمجتمع مدني حر، ولأنّ “مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة” كان سوريالي خطوة من بين خطوات سورية كثيرة بات يحركها حلمها بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

هذا المقال منشور أولاً في موقع سوريا مانحكت ويترجمه فريق الأصوات العالمية بالعربية

مصادر

[عدل]