رسالة حب للمعتقل السوري الفلسطيني باسل الصفدي
الأربعاء 18 مارس 2015
تحديث: في الأول من أغسطس / آب 2017، علمت نورة غازي، زوجة باسل خرطبيل، أن النظام السوري نفذ حكمًا بالإعدام في باسل منذ ما يقرب من سنتين. قامت نورة بكتابة هذه الرسالة في فبراير / شباط 2015، قبل تسعة أشهر من وصول تقارير غير مؤكدة عن الحكم على باسل بالموت. وبين هذه اللحظة وتلك، لم ينفك مناصرو باسل مع نورة في البحث عن تأكيدات للحكم أو عن مكان باسل، وعاشت نورة سنتين على أمل لم شملها على زوجها.
يصادف يوم 15 مارس / آذار الذكرى السنوية الثالثة لاعتقال المدوّن ومطور البرمجيات السوري – الفلسطيني باسل خرطبيل، والمعروف بباسل الصفدي – في دمشق. باسل، الرائد في المشاع الإبداعي في سوريا والناشط في مشاريع مثل موزيلا فايرفوكس وويكيبيديا، يعود إليه الفضل في انفتاح الإنترنت السوري وتوسيع نطاق الوصول والمعرفة للعامة. واعتبر البرلمان الأوروبي أن اعتقاله جزء من سعي الحكومة السورية في تقييد الوصول للمجتمعات على الإنترنت وكبت حرية التعبير في البلاد.
تم اعتقال باسل قبل عدة أيام من زفافه، واختارت زوجته نورا، يوم 14 فبراير / شباط لنشر رسالتها هذه للعالم:
«النص الأصلي:ما عم يطلع معي قصيدة بعيد الحب،
يمكن لازم شوفك،
أسرق كلماتي من عيونك،
ما عم فكر الا بعيونك،
ووقت بيعتلق الموضوع بعيونك،
بيسكت الكلام، بيعجز الكلام
عم فكر بسوريا
آخ يا باسل
سوريا، صرت بس ألفظ أو اكتب اسمها ببكي
لسوريا كل الحب
لو بس منعرف نحبها ما كنا وصلنا لهون
يمكن كلنا منحبها
بس ما عم نعرف كيف نحبها
ما عم نتعلم كيف نحبها
خايفة يا باسل،
خايفة عالبلد يلي عم تندبح، عم تتقسم، عم تنزف، عم تتدمر
آخ يا باسل،
شو خايفة يتبدل حلمنا من انو نكون جيل عم يحرر بلدو ويصنع أكبر تغيير بتاريخو،
لجيل عم يشهد كيف بلدو عم تنهار
آخ يا باسل، شو خايفة يا باسل
بدي اهديها وردة،
لا حمرا بلون الدم،
ولا بيضا بلون الورد يلي ما حملتو بعرسنا
بدي اهديها وردة زرقا
بلون الفستان يلي كنت لابستو وقت تزوجنا
بلون التنورة يلي كنت لابستا وقت قررت تعترفلي بحبك
آخ يا باسل قديش هالبلد الها علينا
كل لحظة بتعب فيها
بضعف فيها
ببكي فيها
بكون انانية وبفكر بحالي فيها،
بحس بدي اعتذرلها وارجع اوعدها
اني ضل قوية،
ضل حلوة،
ضل بني آدم
بدي اوشم اسمها بالازرق على ايدي
سوريا بتستاهل يا باسل
خلينا هالمرة نجرب نقوى
كرمال سوريا، كرمال فلسطين،
فلسطين حلمي يلي عم عيشو فيك،
يا نصي الحلو انت،
يا نصي الفلسطيني انت
تخيل ولادنا او بناتنا (لمى وريتا) شو رح يكونوا حلوين بهالنصين
اشتقت لحالي فيك
اشتقت لكل شي فيك
اشتقت لسوريا وفلسطين فيك»
يصادف يوم اعتقال باسل في 15 مارس / آذار، أيضًا الذكرى السنوية لبدء الانتفاضة الشعبية في سوريا. في ربيع العام 2011، عندما نزل الشعب من مختلف أنحاء البلاد إلى الشوارع، للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة، بدا كل شيء ممكنًا. ولكن بعد أربع سنوات، أصبح حلم باسل ونورا والعديد غيرهم كابوسًا. سوريا الآن لا زالت بتهديد دائم، على الرغم من أن معاناة شعبها لم تعد تحتل نشرات الأخبار.
مؤخرًا، تسبب قصف الحكومة في مقتل 150 شخص، دون أن يظهر أي خبر متعلق بهم في العناوين. أما اليوم، ما يحتل الأخبار الفظائع التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، والذي يصادف أن يكون السوريين من رهائنها وضحاياها.
لأولئك منا الذين يعرفون ويحبون سوريا، ما يحدث في هذه البلد يؤلمنا بعمق، وأكثر من ذلك عندما تصبح هذه البلد، على نحو متزايد، غير مرئية لبقية العالم. نتألم بسبب قتل أكثر من 200،000، ومئات الآلاف من المعتقلين والنازحين واللاجئين، وأولئك الذين لا يزالون يعانون من أشكال تعذيب لا يمكن تصورها في سجون الحكومة، وأولئك الذين يعانون من طغيان الجماعات مثل “داعش” التي لديها أجندتها ومصالحها الخاصة، والذين يعتبرون أعداء للثراء والتنوع السوري. هذا الشعب الفريد والذي لا غنى عنه، أصبح مجرد أرقام وإحصائيات ضخمة لدرجة أن الأمم المتحدة فشلت في تسجيلهم جميعًا.
وعلى وجه الخصوص، اللامبالاة تؤلم، الصور التي لم تعد تثير السخط، توثيق الأعمال الوحشية المتراكمة في ملفات فيديو لم تتم زيارتها، التعاطف الانتقائي لأولئك الذين يصنفون الضحايا بين إمبرياليين أو معادين للإمبريالية، شرعي أو غير شرعي بناء على سياسة جيوستراتيجية، وأولئك الذين أضافوا الحرمان من الألم للألم ذاته.
إن ذلك يؤلم أكثر من خسارة أحد الأحباء، لأنه لا يوجد علاج لخسارة البلاد، والجرح لا يندمل أبدًا. لأولئك الذين يحبونها، الألم التي تشعر به سوريا لا نهاية له.
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «رسالة حب للمعتقل السوري الفلسطيني باسل الصفدي». الأصوات العالمية. 18 مارس - آذار 2015.
شارك الخبر:
|