عودة الأهوار العراقية التي كادت أن تفنى تمامًا على عهد صدام حسين
الخميس 28 يوليو 2016
نشُرت هذه المقالة للكاتبة جين عراف أصلًا على PRI.com بتاريخ 19 يوليو/تموز 2016 ويُعاد نشرها هنا كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى.
عند زيارتك لأهوار العراق الجنوبية ستصدق أن الحضارة بدأت هنا فعلًا.
تسطع الشمس لتظهر طائر المالك الحزين وهو يقفز ليصطاد السمك بينما تنساب النساء فوق سطح الماء بواسطة قوارب الخشبية الطويلة. تمتد الأهوار بمساحة تقدر بآلاف الأميال المربعة في وسط الصحراء. يعتقد بعض دارسو التاريخ القديم أن الأهوار المحاطة بالقصب والمليئة بالأسماك والطيور هي نفسها جنائن عدن المذكورة في التوراة.
قامت منظمة الأمم المتحدة، اليونيسكو، بإضافة الأهوار والمدن السومرية القديمة التي كانت مزدهرة إلى لائحتها الخاصة بمواقع التراث العالمي. يعترف هذا الإدراج بدور هذه المنطقة بتطور الإنسان وكذلك بنظامها البيئي المتميز. تشمل هذه الاضافة أيضًا ثلاث عواصم سومرية، من ضمنها مدينة أور التي يُعتقد أنها كانت موطن ولادة النبي إبراهيم المحترم من قبل المسيحيين والمسلمين واليهود.
كانت تمثل هذه المنطقة قلب ميزوبوتاميا القديمة، حيث نشأت أولى المدن التي عرفها العالم قرب نهري دجلة والفرات. وتصف الألواح الطينية السومرية التي تعود لأكثر من 5000 سنة بيوتًا مقوسة مبنية من القصب بنفس الطريقة التي تبنى بها اليوم.
لكن الأهوار التي صمدت لآلاف السنين، تلقت ضربة موجعة في العقود الأخيرة حين بدأت الحكومات العراقية منذ الخمسينات بعمليات تجفيف لأجزاء من الأهوار لتوسيع الزراعة وللتنقيب عن النفط. وفي الثمانينيات خلال الحرب مع إيران، عجل صدام حسين من دمار الأهوار كي لا تصبح ملجئ للمقاتلين. وبعد عقد من ذلك عاقب الشيعة في جنوب العراق لقيامهم بانتفاضة فاشلة ضده بإبعادهم عن موطنهم هناك.
لازالت الأهوار من أفقر مناطق العراق إلى يومنا هذا. حيث يعيش السكان في جزر طافية فوق الماء على اصطياد السمك وتربية الجاموس وجمع القصب مع غياب شبه تام للرعاية الصحية والمدارس القليلة.
ولكن بعد سقوط صدام عام 2003، بذلت الجهود لإعادة إحياء النظام البيئي المنهك في الأهوار.
أنشأ عزام علوش، العراقي الأمريكي المختص في البيئة ومنظمة طبيعة العراق التي أسسها مخيمًا بيئيًا في قلب الأهوار. حيث يستطيع الزوار البقاء في بيوت قصب حديثة والخروج برحلات باستخدام القوارب وتناول وجبات أفطار تتكون من كريمة جاموس الماء (القيمر) وخبز مسطح مطبوخ على نار القصب. تقع الأهوار على طريق هجرة الطيور من أفريقيا، مع استعادة المياه والخزين السمكي، عادت طيور البجع والفلامنكو وطيور البط الرخامية البرية لتملئ السماء.
تعد الأهوار واحدة من أكثر مناطق العراق أمنًا وتبعد ساعات قليلة عن البصرة لكن هناك أعداد قليلة من السياح الأجانب.
يقول علوش: “لدينا امكانيات كبيرة لإنشاء سياحة أثرية وبيئية في هذه المنطقة، لكن لسوء الحظ تم إهمال هذا الجانب من التنمية بسبب الاعتماد على النفط. هو لعنة علينا.”
لازالت هناك أخطار تهدد الأهوار بصورة رئيسية بسبب التمدد الزراعي والجفاف الذي يسببه التغير المناخي. تحد تركيا وسوريا كذلك من كميات المياه المنسابة للأهوار ببناء سدود في أعلى النهر.
يقول علوش أنه يشعر بأحقية الأهوار للانضمام لقائمة التراث العالمي. لكنه يقول أن التزام الحكومة العراقية بحماية المنطقة أكثر أهمية من الاعتراف العالمي بالأهوار.
“قبل بضعة سنوات، كان الناس يضحكون علي ويقولون ‘لماذا تريد أن تعيد الأهوار؟ هؤلاء أناس متخلفون'… اليوم أصبح الجميع يردد فجأة ‘رائع، مذهل’.”
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «عودة الأهوار العراقية التي كادت أن تفنى تمامًا على عهد صدام حسين». الأصوات العالمية. 28 يوليو - تموز 2016.
شارك الخبر:
|