“علي عبد الإمام: ” لم أفقد هويتي. أنا بحريني

من ويكي الأخبار

الأثنين 23 فبراير 2015


نشر هذا المقال بالأصل على موقع إنديكس أون سينسرشيب.

علي عبدالإمام مدوّن بحريني ومؤسس ملتقى البحرين “البحرين أون لاين”؛ موقع إخباري ومنتدى مؤيد للديمقراطية، في آب / أغسطس 2010، اعتقلته السلطات البحرينية بتهمة “إشاعة أخبار كاذبة” وأطلقت سراحه في شباط / فبراير 2011. عاد للتواري عن الأنظار بعد حملة القمع التي شنتها الحكومة على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية. أُدين غيابيًا وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا ما اضطره للهرب من البلاد وطلب اللجوء السياسي الذي حصل عليه في المملكة المتحدة عام 2013. يعمل حاليًا مع بحرين ووتش و مركز البحرين لحقوق الإنسان. هو أيضًا عضو في مجتمع الأصوات العالمية.

في الأسبوع الماضي، أسقطت الحكومة البحرينية الجنسية عن عبد الإمام بالإضافة إلى 71 بحرينيًا آخرين، غالبيتهم من المدونين والكتّاب الصحفيين في انتهاك للمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص “ لكل فرد حق التمتع بجنسية ما ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها”. في رد فعله على سحب جنسيته يقول عبد الإمام:

عندما أنشأت حسابًا على فيسبوك عام 2005 دونت في سيرتي “هوية مفقودة”، لم يكن توقعًا لما سيحدث لي بعد عشرة أعوام بقدر ما كان تعبيرًا عن أفكاري حول الهوية وكيف توظف في كل شيء من حولي، وكيف تؤثر عليّ وعلى طريقتي بالتفكير ونظرتي للآخرين من حولي وعلى تعريفي للأشياء. يمكننا أن نطلق على هذا القرن اسم “عصر الهوية”.

المرة الأولى التي سمعت فيها بخبر إسقاط جنسيتي كانت أثناء محادثة لي مع صديق على الهاتف. ظهرت رسالة في برنامج واتساب فجأة على هاتفي تقول “عاجل، لقد تم إسقاط جنسية 72 مواطنًا”، قلت لصديقي “أعتقد أن جنسيتي قد أُسقطت” فضحك من كلامي، فتحت الرابط ونزلت بالقائمة إلى الأسفل حتى وصلت إلى الرقم 49 ووجدت اسمي “علي حسن عبدالله عبدالإمام”، فأكدت الخبر لصديقي وأضفت، “أعتقد أن اسمك موجود أيضًا في اللائحة” وتابعت قراءة الأسماء نزولًا إلى الرقم 70، جعلته يتوقف عن الضّحك عندما قلت له إن “اسمك موجودٌ أيضًا”.

أول ما قمت فيه هو التغريد على تويتر: “عندما استيقظت هذا الصباح كنت بحرينيًا وعند استيقاظي غدًا سأكون بحرينيًا”. لن أتخلى عن هويتي. لا أريد أن أتركها. أصبح لدي الآن تعريفي الخاص لـ “الهوية” التي أحب وأهم جزء من هويتي غير “مفقود”، إنه “البحريني”. ليس من حق الحكومة أن تعطيه أو تأخذه، كما أنه ليس من حقها أن تقتلعني من جذوري. لن أقبل بأن أكون شخصًا غير معترف به من قبل العالم. سأستمر في إخبار نفسي وأولادي وأصدقائي أنني من البلد الذي بدأ ثورة “اللؤلؤة” (أُسميت انتفاضة 2011 بـ”ثورة اللؤلؤة” تيمنًا بدوّار اللؤلؤة الذي كان مركزًا للتظاهرات المناهضة للحكومة).

“ماذا يعني أن تكون بحرينيًا؟” هو سؤال يحتمل عدة إجابات تبعًا للوقت الذي تريد أن تجيب به. عرفت المعنى الحقيقي لهذا السؤال عندما أُطلق سراحي من السجن للمرة الأولى بنهاية شهر شباط / فبراير 2011، تمام الساعة الثالثة فجرًا وذهابي مباشرةً إلى دوار اللؤلؤة حيث كان المحتجون ينامون بحرية وسلام. شعرت بالكرامة وتنشّقت “هويتي” الحقيقية التي كدت أفقدها داخل السجن عندما عذّبوني وهددوني. شعرت أنهم كانوا يستهدفون هويتي ولا يستهدفوني شخصيًا: هؤلاء الضباط الذين اعتقلوني وعذّبوني لم يكونوا يعرفون من أكون ولم يسبق لهم أن رأوني مسبقًا. كانت مشكلتهم أنهم وجدوني مختلفًا عنهم، أرادوا أن يجعلوني مثلهم.

أنا الآن من دون جنسية، ولا أعلم ما إن كنت سأتمكن من زيارة أمي الكبيرة في السّن وأخوتي وأصدقائي. هناك الكثير من الأماكن التي أحبها في البحرين ولا أتخيل أن أموت قبل زيارتها مرة ثانية: ذاك الشّاطئ الذي كنت ألعب عليه عندما كنت صغيرًا والحائط غير المدهون، مع رسم جرافيتي عليه يقول “البرلمان هو الحل” منذ التسعينيات، ما زلت أريد أن ألتقط صورة “سيلفي” أمامه. سأشتاق إلى مقهي سباليون الذي ما زال أصدقائي يجتمعون فيه لتبادل القصص والأحاديث عن الثقافة والسياسة والدين وغيرها. وكذلك سأشتاق أن أطلب من النادل عباس أن يحضر لي “كوب شاي نذل”. ولكن المكان الأهم الذي أرغب بزيارته وإمضاء أكثر وقت ممكن فيه هو المقبرة حيث يرقد والدي بسلام منذ ست سنوات والذي لم أزره منذ حوالى خمس سنوات. كان والدي أول من علمني ما معنى أن أكون بحرينيًا.

هناك مثل كان والدي يردده على مسامعي عندما كنت طفلًا: “الذي ينكر أصله لا أصل له” وهذا ما أريد أن أقوله لابني ذي التسعة أعوام، سأشير بإصبعه إلى تلك الجزيرة الصغيرة الجميلة في الخليج وأقول له إن “والدك جاء من هذا المكان وإليه ينتمي”. أرفض الإعتراف بهذا المرسوم الصادر عن الملك، وسأظل أكتب أني بحريني في أي معاملة. لن أقبل أن أكون “هوية ضائعة” مجددًا، أنا أملك هوية وأنا فخور بها.

مصادر[عدل]