دفاعًا عن حقي في الإجهاض في مقدونيا

من ويكي الأخبار

الأحد 9 أكتوبر 2016


قبل يونيو/حزيران 2013 كان لدى مقدونيا قانون تقدمي ينظّم عملية الإجهاض، حيث كان بإمكان النساء اجتياز التدخل الجراحي دون الخضوع لفترة الانتظار وتقديم المشورة الإجبارية.

منذ يونيو/حزيران 2013، ومع فرض قانون أكثر تقييدًا للإجهاض، لم تعد إجراءات الإجهاض في مقدونيا روتينية فقط، لكنها أصبحت طويلة ومعقدة بفضل المناخ السائد المعادي لإنهاء الحمل.

وعلى الرغم من وجود العلمانية المكفولة دستورياً، وحرية الاختيار المتعلقة بالولادة، إلا أن الخطاب السياسي والإعلامي السائد مُشَرَّب بالمرجعيات الدينية المناهضة للإجهاض، بما في ذلك الحملات العامة التي ترعاها الدولة لمحاربة الإجهاض.

لم يعد في مقدونيا اليوم تثقيف جنسي شامل، ولم تعد وسائل منع الحمل الطارىء ذات الجودة العالية والأسعار المعقولة متاحة على نطاق واسع، ولم يعد الإجهاض طبي مقبول رسميًا. بالإضافة إلى ذلك يعاني نظام الرعاية الصحية المتفكك الذي عفى عليه الزمن من نقص في العمالة وصعوبةٍ في الوصول إليه خصوصًا من جانب أولئك الذين يقطنون في المناطق الريفية والحضرية الصغيرة.

أتحدث في هذا السياق بصوت عالٍ دفاعًا عن حقي وحق جميع النساء في إجهاض آمن وقانوني، يمكن الحصول عليه بسرعة وبتكلفة معقولة.

في مجتمع ذكوري مثل مقدونيا، من الصعب جدًا على المرأة أن تحقق نجاحًا مِهنيًا. فعلى المرأة أن تبذل جهدًا أكبر بكثير من زملائها الذكور حتى يُنظر إليها كمساوية لهم في الكفاءة، غير أنها في نهاية المطاف ستصطدم بالسقف الزجاجي. علاوة على ذلك، ستُقدر قيمتها كإنسان من خلال مظهرها الخارجي، ويتوقع منها المجتمع -لا من شريكها- أن تتحمل كامل المسؤولية عن الخدمات المنزلية ورعاية الأطفال والأقارب كبار السن.

هذه هي المرأة التي ستكون على أهبة الاستعداد على مدارأيام الأسبوع السبعة للمساعدة في الواجبات المدرسية، ومرافقة الأطفال للأنشطة الترفيهية، وزيارات الطبيب، ناهيك عن مسؤوليتها المفترضة في الرعاية المنزلية في حالة المرض. وهذا إن كانت محظوظة بالقدر الكافي كي لا تسرح من عملها أو تفشل في الحصول على عقد طويل المدة بعد الإعلان عن حملها. هذا غير الجهد الإضافي الواقع على عاتق الأمهات العازبات والنساء الأخريات ممن لا يتمكن بسهولة من الحصول على إجازاتهن المصرح بها، فما بالنا بالنساء اللائي يقمن بتربية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

هذه المتطلبات – التي تخلق عبئًا ثقيلًا يقع على عاتق المرأة حتى وإن كان حَملها مُخططاً له وكانت تنتظره بشغف – تُصبح أكثر صعوبة من أن تتحملها في حالة كان حملًا غير مرغوب فيه، خاصة في ظل موقف المجتمع المحافظ الذي يواجه صعوبة كبيرة في تَقبل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج على الرغم تكرار مثل هذه الحالات.

تتغير حياة النساء بفعل الحمل والأمومة على نحو أعمق من حياة الرجال، ويتجلى ذلك في كلٍ من التقلبات البيولوجية الأساسية وتغيرات الحياة اليومية وكذلك التطورات المهنية والشخصية على المدى البعيد. وعلى الرغم من ذلك لم تقدم الدولة المقدونية إطارًا قانونيًا ومؤسسيًا ينظم إجازات الأبوة للرجال أو الإجازات الطارئة، والذي من شأنه أيضا أن يجعل المشاركة على قدم المساواة في تحمل مسؤولية رعاية الأبناء والمهام المنزلية ورعاية كبار السن.

بناءً على ذلك، فإن كانت الدولة ومن معها من الرجال غير راغبين في تحمل المسؤولية، فعلى الأقل يجب عليهم ألا يعرقلوا رغبة النساء المتعلقة بالولادة. أي أن من يتوقع منهن أن يتحملن مسؤولية شيءٍ ما يجب أن يكون لهن مطلق الحرية في اختيار هذا الشيء، دون أية عواقب تقرها الدولة، سواء كانت مرتكزة على أساس ديني أو ثقافي أو أي أساس أيدولوجي آخر زاد أو نقص. وفي هذا السياق أعلاه، فإن قرارها إخضاع جسدها للتدخل الهرموني أو الجراحي بدلًا من إنجاب طفل لا تضمن له رعاية وبيئة آمنة ومحبة ليس إنكارًا غير واعٍ للمسؤولية، بل على العكس هو تحمل تام لمسؤولية نفسها والعالم الذي تعيش فيه وستتركه خلفها.

يتجاوز الحق في الإجهاض الرغبة في الولادة من عدمها إلى تمكين النساء بحيث يصبحنّ مالكات أجسادهن بدلًا من السماح لأي سلطات سياسية أو دينية أو عائلية أن تكون لها وصاية عليها. فحرية النساء في ممارسة حقوقهن الجنسية والإنجابية هي أيضًا حرية التمتع الكامل بكافة جوانب وأنماط النشاط الجنسي، والانخراط في الممارسة الجنسية لتحقيق الإشباع التام.

إن إمكانية الوصول إلى وسائل منع الحمل والإجهاض تعني إمكانية الوصول إلى المتعة، والإبداع والتواصل العميق مع الآخرين بعيدًا عن قيود العقائد المحافظة. فالدفاع عن مثل هذا الوصول يعني النضال من أجل حق النساء، والرجال، في العيش كأناسٍ عطوفين ومسؤولين يمارسون رغباتهم الجنسية، ويشعرون قبل ذلك كله بالسعادة وتحقيق الذات.

مصادر[عدل]