لماذا لا أعرّف نفسي كنسوية، حتى عندما تتعدد الجوانب

من ويكي الأخبار

الخميس 26 أكتوبر 2017


عادة ما تصاب العديد من النساء –ولاسيما ذوات البشرة البيضاء ممَن يدعين أنهن معنيات بالحركات النسائية متعددة الجوانب- بالإحباط عندما أقول أنني لست ممن يؤمنون بالمساواة بين الجنسين وينادين بها. كما يتعجبن من إحجامي الشديد عن المشاركة في تلك الحركات النسائية اللاتي يقُدنها. يا إلهي! كم حاولنّ مرارًا وتكرارًا إقناعي بالتفكير في الأمر والنظر إليه بالمنطق الأكاديمي والاجتماعي والذي يُفترض أن يكون حُجة قوية لجعلي أؤمن بتلك المساواة التي ينشدنّها.

مستشهدات على ذلك بالكثير من الأمثلة التي تثبت صحة زعمهن هذا مثل: “مع أنه قد يتساوى مستوى المرأة الأكاديمي والتعليمي مع الرجل، إلا أن عائدها المادي يكون أدنى بكثير من نظيره عند الرجل. كما أنهنّ لا يزلن يخضعن لعمليات فحص دقيقة فيما يتعلق فيما يفعلنّ بأجسادهن. لقد غدا هذا العنف المُمارس ضد المرأة وباءً عالميًا. إذ لا تزال تلك الحدود الثقافية والاجتماعية تقف عائقًا أمام المرأة مانعة إياها عن تحقيق النجاح التي تُنشده في مختلف المجالات، كما أن التفرقة الجنسية لا زالت هي المعيار الأول والأساسي في العديد من البلدان والطوائف الدينية المختلفة.

وللحق إنني لست بجاهلة عن كل هذا وأعلم جيدًا ما يرمين إليه، كما أعلم مصداقية ما يسردنّه كذلك، فقد خُضت تلك التجربة بنفسي وتعرضت للتفرقة الجنسية عدة مرات. نعم، فأنا امرأة ذات بشرة سوداء.

ومع ذلك عندما أذكر التفرقة الجنسية التي نتعرض لها والعنصرية والنساء ذوات البشرة السوداء الطبيعيات جنسيًا والمغايرات لهويتهنّ الجنسية، وكذلك المثليات واليهوديات منهن، والمعاملة العنصرية التي كنّا نتلقاها… عندما أذكر ما كنا نتعرض له من سوء معاملة وانتهاك جسدي وعاطفي ولفظي سواءً كان ذلك صادرًا من داخل تلك الحركة النسائية نفسها -التي تنادي بالمساواة الجنسية- أو خارجها… أتساءل مُتعجبة أين كانت هؤلاء النسوة المعنيات بالحركات النسائية حينها؟ للأسف، لقد آثرن التزام الصمت في الوقت الذي لم يكن عليهن القيام بذلك ووقفن فقط مكتوفات اليدين.

ومع ذلك، فلا يزلن يعتقدن أن النساء – وأعني بذلك جميع النساء – يجب أن يتحدن معًا ويصبحن يدًا واحدة “لرفع أصواتهن عاليًا وإنشاد تلك الأغنية الدينية “كومبوياه، ربي” لنيل (بعضٍ) من حقوقهن المسلوبة.

لكنهن لا يردن الحديث عن العنف العنصري الذي تمارسه الدولة كشيء منفصل عن العنف القائم على النوع، والذي على أساسه تضاعف أعداد النساء ذوات البشرة السوداء. أو حتى الحديث عمّا يتمع به ذوي البشرة البيضاء من مميزات وحقوق لا يتمتع بها غيرهن من ذوي البشرة السوداء. أو كيف تُفصل الفتيات السوداوات والمهاجرات مرارًا وتكرارًا من المدارس، والسبب الواضح وراء ذلك عدم وجود تكامل عنصري بينهن وبين أقرانهن من ذوي البشرة البيضاء. أو كيف تتعرض النساء السوداوات والمهاجرات للعنف المنزلي أكثر من غيرهن من ذوات البشرة البيضاء.

وها أنا أعلنها أمام الجميع أنه في ذات الوقت الذي أتمنى فيه أن تسود المساواة وتنتشر بين الجميع – رجالًا كانوا أم نساءً – فأنا – وبصفتي امرأة سوداء- لا أستطيع أن أصطف أو أقف داعمة ضمن صفوف حركة جُلّ هدفها ينصب على تحسين وضع النساء ذوات البشرة البيضاء فقط، والتي ترفض إدراج التفرقة العنصرية والجنسية ضمن أهدافها وغاياتها.

لقد سئمت وأعلنها صراحة أمام الجميع أنني لن أقاتل لأكون ضمن حركة محورها ذوات البشرة البيضاء، تلك الحركة التي نبذتني ونبذت الكثير غيري من النساء السوداوات مرارًا وتكرارًا.

تمامًا كما أعلنت سوجورنر تروث في خطابها عام 1851، “ألست امرأة؟“، فأنا أرفض تمامًا أن أكون جزءًا من حركة تُجرد النساء السوداوات من إنسانيتهن وطبيعتهن البشرية وتقصيهن بعيدًا. تلك الحركات والمجموعات الخادعة التي تنتحل أسلوبنا وتقاليدنا بنجاح رغبةً في النهوض ببرامجهم المتمحورة حول أنفسهم فقط.

لا لن أحاول بعد الآن تعليم هؤلاء النسوة -ذوات البشرة البيضاء ممن يؤيدن المساواة بين الجنسين- أهمية التعارض بين العرق والجنس، لأن هناك البعض سيواصل تجاهل أهمية النساء ذوات البشرة السوداء ودورهن في تلك الحركة النسائية، بغض النظر عن عدد النساء السوداوات اللاتي يواصلن تعليمهن.

مع أن تلك الحركة النسوية متعددة الجوانب كان الهدف الأول وراء إنشاؤها يكمن في تميزها واختلافها عن غيرها من الحركات النسوية الأخرى، إلا أن اسمها لا يزال حاملًا لكلمة “النسوية”. وأنا أفضل أن أنأى بنفسي عن هذا المفهوم – مفهوم النسوية – تمامًا وذلك لأستطيع العيش في سلام تحت ظل “ حركة نسائية” أنشئت مع غيري من ذوات البشرة الداكنة -هذا مع أخذ أنثويتي في الاعتبار- أكثر من مناصرة وتأييد حركة نسائية تقودها ذوات البشرة البيضاء- قد تخللت داخل المجتمع وضربت بجذورها فيه حتى غدت نسخة عصرية ومستحدثة من الحركات التي سبقتها.

الآن، وأكثر من أي وقت مضى، لقد حان وقتنا – نعم نحن النساء السوداوات – حان الوقت لتحديد هويتنا وفقًا لشروطنا الخاصة، وكذلك الاجتماع في الأماكن والقيام بالحركات التي ننظمها ونجني نحن فقط ثمارها.

وكما تحدثت كلينورا هدسون-ويمز، مؤلفة كتاب “ حركة أفريكانا النسوية: إحياء كبرياؤنا” عن حماية أنفسنا عبر تحديد هويتنا وفقًا لشروطنا الخاصة؛ فلا يمكن للمرأة السوداء أن تنعم بالأمن والسلام إلا في تلك الأماكن التي تَحترمها وتُعلي من شأن مكانتها الثقافية والعقلية والعاطفية والجسدية وكذلك الروحية.

وأعتقد أن بعد قراءة قرار الانفصال هذا، ستنفجر هؤلاء النسوة – مؤيدات تلك الحركة النسوية متعددة الجوانب – جاهشات بالبكاء، إلا أنني أرتجي منكن استغلال هذه الفرصة لتعلمنّ جيدًا ما هو النفاق وماذا تعني تلك التناقضات التي قامت على أساسها حركتكن تلك بشأن ذوات البشرة السوداء.

الآن يمكنني المشاركة في إطار تلك الحركة النسائية –التي أنشئت مع غيري من ذوات البشرة السوداء- والاصطفاف جنبًا إلى جنب مع النساء السوداوات وغيرهن من مختلف الثقافات الأخرى لأنهن يعترفنّ بوجودي كما يقدرنّ مكانتي بينهنّ. نعم فوجودي هنا يُمثل دعامة وركنًا أساسيًا لا غنى عنه وذلك بسبب بشرتي الداكنة أولًا ولأنني امرأة ثانيًا، بل وعلاوة على ما سبق أنني الآن في مكان لا يهينني ولا يسلبني حريتي وكذلك لا يتجاهل رأيي، فأنا –المرأة السوداء– غدا بإمكاني الازدهار والنجاح.

مصادر[عدل]