وسط الركام والأنقاض، حياة بائع الورود هذا معلقة لأجل غير مسمى

من ويكي الأخبار

الجمعة 17 يونيو 2016


نُشرت هذه القصة في الأصل على موقع حكاية ما انحكت وهو مشروعٌ مستقل يكشف ويروي قصص المقاومة في سورية. وتُعرض هنا بموجب اتفاق لمشاركة المحتوى.

عمل نور وهو طالب في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، كبائع ورود لتغطية نفقات دراسته في 2011. كان في السابعة عشر من عمره ويحلم بالخروج من سورية إلى بلد آخر لاستكمال دراسته. مع بداية الثورة عام 2011 كان نور على قناعةٍ تامّة بنهاية حكم نظام بشار الأسد الذي دام لعقودٍ طويلة وبأنّ السّوريين سيتمكنون من إعادة بناء بلدهم على أسسٍ ديمقراطية. وكالعديد من السّوريين تخلّى نور عن متابعة أهدافه الشخصية وخططه على المدى المنظور وعن عمله في بيع الورود وانضم إلى صفوف حركة المقاومة السّلمية ضدّ نظام الأسد وتغيرت حياته إلى الأبد.

مع الأيام، حول النظام الثورة إلى حرب حقيقيّة ودفع بجيل كاملٍ من الشباب للهرب إما بسبب الخدمة الإلزامية في صفوف الجيش أو عن طريق خلق ظروف صعبة أجبرتهم على اللجوء إلى الخيار العسكري. ونتيجة لذلك اضطر نور أن يختبئ ويُغيّر مكانه من حين إلى آخر لتنظيم المظاهرات السلمية. وفي العام التالي تحولت الحرب إلى عملية قمع للمظاهرات واعتقالات نفذتها الحملات العسكرية. حاول نور الهرب من البلاد لكنّه لم يستطع ذلك فالنظام وضع اسمه في القائمة السوداء على خلفية مشاركته في التظاهرات السلمية وبسبب رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية. تركزت أحداث الحرب في دوما، وهي مدينة تقع على بعد 9 كيلو مترعن العاصمة دمشق، حيث قامت قوات الأسد بفرض حصار شامل عليها منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2012، وتم ذلك بمشاركة الطيران المروحي وبتعطيلٍ كاملٍ لجميع أشكال الحياة. بات نور بائع الورود يشتمّ رائحة الموت في كلّ الزوايا، ويرى كيف كانت الصواريخ تقتل السّكان في المباني. وانحصرت تساؤلاته حول الأسلحة والموت: “هل هذا صاروخ أرض-أرض؟ أم برميل متفجر؟”. “أخشى أن أموت تحت الأنقاض”.

وبما أن نور ترك عمله كبائعٍ للورود وجد سبلاً أخرى للعمل فتعلّم مهنة التصوير بغرض تعريف العالم بما يجري في دوما. ولأجل الأطفال والنساء والشيوخ، أولئك جميعًا الذين يواجهون هذه المأساة يوميًا. مازال نور يأمل في النجاة، لقد حافظ على حلمه حيًّا وعلى خططه المستقبلية على الرغم من جميع الكوارث والأحداث الدامية التي كان شاهدًا عليها خلال الحرب. كان من الممكن للسنوات الخمس الأخيرة أن تجعل من روحه هرمة مقارنة بسنوات عمره. لكنّه ولكي يستطيع البقاء على قيد الحياة في دوما، المحاصرة للسنة الثالثة على التوالي، لا يملك سوى التمسك بالأمل بأنّ أحلامه ستتحقق يومًا ما.

تمت كتابة النسخة الأصلية لهذه القصة باللغة العربية بالتعاون بين موقع قصص ما انحكت و أناس من سورية وراديو سوريالي. ترجمت هذه القصة من قبل ليلى خوجه.

مصادر[عدل]