روسيا: عريضة إلكترونية تسعى لزيادة الرقابة على المنظمات غير الحكومية الحاصلة على تمويل أجنبي

من ويكي الأخبار

الخميس 5 أبريل 2012


في أوائل شهر فبراير/شباط 2012، نشر فيلاديمير بوتين رابع مقالة رأي ضمن حملته الانتخابية للترشح للرئاسة: بحث مطول حمل عنوان “ الديمقراطية وكفاءة الحكومة” . بعد 1,500 كلمة من بداية المقال، اقترح بوتين أن يناقش البرلمان الروسي تلقائياً التبعات القانونية لأي عريضة إلكترونية تنجح في الحصول على أكثر من مئة ألف توقيع على الإنترنت. [جميع الروابط باللغة الروسية والإنجليزية]

بعد عدة أسابيع، نشر بوتين الجزء الأخير من برنامجه، بعنوان “ روسيا والعالم المتغير“، حيث كتب فيه التالي:

«النص الأصلي:The distinction should be clear between free speech and normal political activity, on the one hand, and illegal instruments of ‘soft power,’ on the other. […] [T]he activity of ‘pseudo-NGOs’ and other structures operating on external support, pursuing the destabilization of one or another country, is unacceptable. […] We believe that influence on domestic politics and the public mood in other countries should be conducted only in the open — allowing actors to take full responsibility for their actions.»

«ترجمة:يجب أن يكون الفرق واضحاً بين حرية التعبير والنشاط السياسي كما هو متعارف عليه، من جانب، والاستخدام غير القانوني للـ “قوة الناعمة”، من جهة أخرى. […] أنشطة المنظمات غير الحكومية المزيفة وأنظمة التجمعات الأخرى التي تعمل بدعم خارجي، ساعية لهدم استقرار الدول المستضيفة، هي أنشطة غير مقبولة. […] نحن نؤمن أن تأثيرات -هذه المنظمات- على السياسات الداخلية وعلى الوضع السياسي في الدول الأخرى يجب أن يحدث فقط في العلن– مما يمكن أي أشخاص مؤثرين أن يحملوا مسؤولية أنشطتهم وأفعالهم.»

من الأقوال للأفعال

في آخر شهر مارس/آذار، وبعد أقل من ثلاث أسابيع بعد إعادة انتخاب بوتين لمنصب الرئاسة، ظهرت عريضة إلكترونية، تدعو لمزيد من التحكم الحازم في المنظمات الروسية غير الحكومية الحاصلة على تمويل خارجي. العريضة التي استُضيفت على www.podkontrol.ru تدعو الحكومة لتتبنى “قانون تنظيم التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية” وقد حصدت ما يزيد على 20,000 توقيع في أقل من أسبوع (وما زال عدد الموقعين يتزايد).

بحصولها على تزكية وتأييد 13 منظمة “متضامنة”، تتمتع المبادرة بدعم مجموعات سياسية مؤيدة للنظام الحكومي مثل (اللجنة المناهضة للحركة البرتقالية)، حركة الدبلوماسي ديمتري روجوزين ‘ كونقرس المجتمعات الروسية،’ و’ الحركة القومية الروسية العالمية ‘ التي يقودها الكسندر دوجين.

يناقش موقع Podkontrol.ru أن العريضة ليست سوى نسخة روسية من قانون تسجيل المنظمات الأجنبية الأمريكي FARA ،وهو قانون أمريكي يُلزم تسجيل كل الأفراد والمنظمات التي تعمل نيابة عن مصالح أجنبية. مستعيراً نفس اللغة التي استخدمها بوتين في فبراير/شباط، الموقع يحذر من كون روسيا محط استهداف قوىً أجنبية “ناعمة”، وأن “مليارات الدولارات تُنفق على [محاولات القوى الناعمة] للإخلال بسيادة روسيا، والعبث باستقرارها السياسي المتين”.

لدعم هذه الادعاءات، يستشهد كتاب العريضة بتصريحات مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية فيليب جوردن، الذي صرح علانية في مارس/آذار2012 أن الولايات المتحدة أنفقت ما يزيد عن 200 مليون دولار في روسيا منذ العام 2009 “لدعم الديمقراطية، حقوق الإنسان، والمجتمع المدني”، وأن البيت الأبيض طلب من الكونجرس الموافقة على تمويل إضافي بقيمة 50 مليون دولار. موقع Podkontrol.ru's يقترح تشريعات تنظيمية كالتالي:

«النص الأصلي:Staff members of organizations that receive money from foreign funds and agencies should be obligated to register with the Justice Ministry of the Russian Federation, as well as be subjected to a special audit by the tax authorities. There should be obligatory procedures for making information about the receipt of foreign funds and the sources of NGO staff earnings available to any citizen of the country, and published on the Justice Ministry's website. In turn, all materials published by such organizations (regardless of the place they are published, whether on their own websites or in third-party media outlets) should be marked by special distinct signs.»

«ترجمة:الأعضاء العاملون في المنظمات التي تستلم أموالاً من منظمات تمويل ووكالات أجنبية عليهم أن يسجلوا بياناتهم لدى وزارة العدل والسلطة الفيدرالية الروسية، إذ أنهم سيخضعون لتدقيق مالي خاص من قبل سلطات مراقبة الضرائب. يجب أن تكون هناك آلية لجعل المعلومات المتعلقة بتلقي تمويل أجنبي ومصادر دخل الموظفين العاملين في المنظمات غير الحكومية، لجعل هذه المعلومات متاحة لأي مواطن، ومنشورة على موقع وزارة العدل. بالمقابل، جميع المواد المنشورة بواسطة مثل هذه المنظمات (بغض النظر عن مكان نشر هذه المواد، سواء كان النشر على مواقع المنظمات أم على مواقع الإعلام) يجب أن تُوسم بعلامة مميزة.»

في محيط التدوين الروسي، أحد أكبر مناصري العريضة هو المدون المعروف بانتقاده المعارضة منذ فترة طويلة ستانيسلاف أبيتيان (مستخدم لايف جورنال politrash_ru). في مارس/آذار 26مقالة كتبها في (تقريباً بعد أربعة أيام من ظهور الموقع)، أبيتيان قدم في البداية موقع العريضة لقراءه. بعدها بفترة قصيرة، تابع بدفاع مطول عن العريضة كتبه في مقال لصالح الصحيفة الإلكترونية ببلك تشامبر تريبيون، حيث ناقش أن ممارسات الشفافية والمراقبة الخاصة بالمنظمات الروسية غير الحكومية هي ضعيفة جداً:

«النص الأصلي:[…] The mere fact that these reports are transmitted to the Justice Ministry clearly doesn't mean that citizens can easily and understandably get informed, let alone ascertain by surname all the beneficiaries of foreign grants. […]»

«ترجمة:[…] مجرد كون هذه التقارير تُرفع لوزارة العدل لا يعني بالطبع أن المواطنين بإمكانهم أن يحصلوا على المعلومات بوضوح، فضلاً عن يكونوا أكيدين من أسماء أولئك المستفيدين من منح أجنبية. […]»

أبيتيان أيضاً تطرق لتعليق من العضو في مجلس العموم الفيدرالي الروسي ومديرة وكالة المعلومات الاجتماعية إيلينا توبوليفا-سولدونوفا، التي اتهمت كاتبي العريضة بأنهم يقترحون تشريعات وإجراءات مكررة سينتج عنها نفس المقدار من الرقابة والتنظيم المفروض حالياً على المنظمات الروسية غير الحكومية. بينما يقر أبيتيان بكون موقع وكالة المعلومات الاجتماعية يصرح بشكل واضح أن الوكالة تلقت تمويلاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فإنه يشير لمواقع عدد آخر من المنظمات الغير حكومية البارزة، مشيراً بالتحديد إلى المنظمات ‘حركة زا برافا تشيلوفكا’، ‘صندوق أوبراز بودوشتشيقو للمساعدات’، ‘حركة ساخاروفسكوي’ وأخيراً منظمة ‘قولوس’ (وهي ربما الأشهر من ناحية تعرضها لهجوم المعترضين على أنشطة المنظمات الغير حكومية في روسيا حالياً).

تقييم المطالبات بمزيد من الرقابة على المنظمات غير الحكومية

ما الذي يمكن استخلاصه من مطالبات أبيتيان؟ صحيح أن موقع منظمة “قولوس” على سبيل المثال، لا ينشر سوى قائمة لـ “شركاءه” المحليين والأجانب، دون أن يوضح طبيعة العلاقة المالية بأي من هؤلاء الشركاء. الحركة التي يقودها ليف بونوماريف “زا برافا تشيلوفكا، أيضاً تسرد “شركاءها” فقط دون أن تكشف عن أي من رعاتها. (إلا أنه جدير بالذكر أن مواقع بعض المجموعات المؤيدة للحكومة مثل اللجنة المناهضة للحركة البرتقالية وحركة القومية الروسية العالمية أيضاً يخفقان في الكشف عن مصادر الدعم المالي الخاص بهم).

حال زيارة موقع وزارة العدل الروسية، يجد المستخدم ما يقارب 70,000 تقرير سلمته المنظمات غير الحكومية منذ عام 2009. قاعدة بيانات الوزارة، رغم هذا لا تُظهر أي نتائج للمنظمات قولوس، أوبراز بودوشتشيقو أو حركة ساخاروفسكوي. بينما تُظهر تقاريراً من فروع المناطق التابعة لمنظمة بونوماريف، فإن البيانات الخاصة في التقارير حول مقدار الدخل أو الإنفاق تبدو وكأنها مفقودة أو محذوفة.

داريا ميلوسلافسكايا، عضو آخر في مجلس العموم التابع للفيدرالية الروسية ومديرة المركز العالمي لقوانين المنظمات غير الربحية، تُؤكد أن العريضة تطالب بتشريعات موجودة أصلاً. التعديل الأخير الذي تعرضت له الالتزامات القانونية الخاصة بالمنظمات غير المحلية في روسيا هو القانون الفيدرالي رقم 18، الذي صدق عليه بوتين في يناير/كانون الثاني 2006. 18-FZ، كما يُطلق عليه في روسيا، أطلق سلسلة من التعديلات المثيرة للجدل على القوانين التي تؤثر على عمل المنظمات غير الحكومية، وبشكل رئيسي زاد من تعقيد عمل المنظمات المعتمدة على منظمات أجنبية أم.

في أوائل العام 2008، نشرت منظمة هيومن رايتس واتش الحقوقية تقريراً من 76 صفحة، عنونته “ الاختناق بالبيروقراطية“، توثق فيه “الأثر السلبي المعدي” لقانون 18-FZ.

ميلوسلافسكايا أيضاً تجادل أن الكتاب في موقع Podkontrol.ru's أساؤوا تفسير قانون FARA الأمريكي للمنظمات الأجنبية. توضح:

«النص الأصلي:[…] There is no concrete mention of NGOs [in FARA], therefore those who try to present [FARA] as a ban on the activity of NGOs with foreign funding either don't understand the subject, or they intentionally mislead their audience. […]»

[…] لا يوجد ذكر صريح للمنظمات الغير حكومية في قانون FARA، لذا فإن أولئك الذين يحاولون تقديم FARA كأنموذج لمنع أنشطة المنظمات غير الحكومية المعتمدة على تمويل أجنبي إما لا يدركون الموضوع، أو أنهم تعمدوا تضليل مستمعيهم […]

جدير بالذكر أن قانون FARA كانت صياغة مسودته تتم في 1938 في سياق الحرب العالمية الثانية التي كانت تلوح في الأفق، وكان يُكتب ليستهدف مخططات الفاشية الألمانية. بالمقابل جدير أيضاً بالذكر أنه لم يتم ولو لمرة إصدار أي تهم قضائية باستخدام قانون FARA لمدة تتجاوز الخمسين سنة، وحتى نهاية الحرب الباردة. في الوقت ذاته في روسيا، تنوي العضو ميلوسلافسكايا أن تُدير ندوة على الإنترنت في الثاني من أبريل/نيسان، تقدم أنموذجاً في “تفاصيل وحيثيات رفع التقارير من المنظمات غير الحكومية لوزارة العدل في 2012″ على الموقع www.portal-nko.ru التعقيد الخاصة بعمل المنظمات.، الندوة تهدف لتساعد قادة المنظمات الغير حكومية على تخطي واستيفاء تنظيمات الدولة شديدة

مصادر[عدل]