انتقل إلى المحتوى

روسيا: الروبوتات البشرية تواجه المعارضة

من ويكي الأخبار

الجمعة 8 أبريل 2011



كارتون بيتر ستينر الشهير يصور كلباً يجلس إلى الحاسب ويقول “على الإنترنت لا أحد يعرف أنك كلب”، في روسيا عادة ما يستخدم هذا المنطق في تجميل الأجندات السياسية وتزييف الرأى العام، لقد أصبحت صناعة الروبوتات بل وتسجيل مئات الحسابات الوهمية على المدونات وظيفة حقيقية لمن لا يتورعون عن استخدام المساحات المتاحة على الإنترنت لتحقيق مصالحهم الشخصية.

لاحظ المدون المعارض الشهير نالفاني ( هنا حوار الأصوات العالمية معه) مؤخراً أن بعض التعليقات على مدونته على LiveJournal – موقع استضافة المدونات الأشهر في روسيا – تأتي من حسابات مسجلة في نفس اليوم، هذه التعليقات عادة تتراوح بين إهانات بسيطة (“كاتب هذا الموضوع أحمق”) وتعليقات جدلية (“هذا النافالنى لا يملك أي معلومات وهو أكسل من أن يبحث عن الحقائق”). قيام بعض الأشخاص بإضافة تعليق أو اثنين بأكثر من شخصية وهمية لا يمثل مشكلة بالتأكيد، ولكن الأمر يتعدى مرحلة الإزعاج حين يتحول الأمر إلى جيش كامل من “الروبوتات” في مواجهة مدوني المعارضة الصاعدين، هذه التعليقات الكثيرة – على الرغم من سخافتها وخروجها عن سياق الحوار- تشتت انتباه القراء عن مناقشة النقاط الهامة وتغرق المدونات بصفحات من التعليقات عديمة الصلة.

تمكن مدونون آخرون من اكتشاف حقيقة الأمر ونشروا دراسة له على مدوناتهم، وذكروا موضوع غريب تمت إضافته على free-lance.ru – موقع روسي لوظائف تكنولوجيا المعلومات، الموضوع تم حذفه ولكن المدون man_with_dogs استطاع أن يحصل على صورة له:

«النص الأصلي:“I need 5 people,” the ad says. “Each of them will leave 70 comments a day from 50 different accounts (the accounts need to be live). Urgently. The job is 5 days a week. The duration of this project is 3 months. The payment is every 10 days (Webmoney, Yandex Money [methods of payment – GV]). Total: 12,000 rubles [around $400-G.V.] a month.”»

«ترجمة:“يقول الإعلان “أحتاج 5 أشخاص، مطلوب من كل منهم 70 تعليق يومياً من 50 حساباً مختلفاً (يجب أن تكون الحسابات نشطة). عاجل، هذه الوظيفة 5 أيام في الأسبوع لمدة 3 شهور، الدفع كل 10 أيام، بإجمالي 12,000 روبل (ما يقرب من 400 دولار) شهرياً.»

كاتب هذا الإعلان – شخص يدعى فلاديمير ألكسيف (غالباً اسم مستعار لأنه تقليدي للغاية) – قام أيضاً بتوضيح تفاصيل هذه الوظيفة، الروبوتات البشرية مطلوب منها استهداف مدونة نافالنى.

«النص الأصلي:The task is to create the maximum believable wave of comments to degrade the rating of the journal's author and to form a negative attitude toward him. You need to comment each new post correctly and persuasively. It is also important to create a positive image of “United Russia” party [ the ruling party in Russia – G.V.]. Can you do it?»

«ترجمة:المطلوب إضافة أكبر عدد ممكن من التعليقات المنطقية للتقليل من شأن كاتب المدونة وخلق حالة عدائية تجاهه، يجب أن تكون التعليقات صحيحة ومقنعة، مطلوب أيضاً رسم صورة إيجابية لحزب روسيا المتحدة ( الحزب الحاكم في روسيا) هل يمكنك القيام بهذا؟»

المثير للاهتمام أن نافالني له تاريخ حافل باتهام حزب روسيا المتحدة بكل أنواع إنحراف السلوك، حتى أنه سماه علناً “حزب اللصوص والمحتالين”، وحاول توثيق المضاربات المالية وقضايا الاختلاس المزعوم تورط بعض أعضاء الحزب بها، لذا فليس مثيراً للدهشة أن يحاول حزب روسيا المتحدة – بفرض صحة الإعلان – التشكيك في سمعة نافالني على الإنترنت.

بالطبع هذه الملاحظات والصفحات أبعد ما تكون عن الحقائق الدامغة، فنظرياً بإمكان أي شخص اختلاق هذه القصة على الإنترنت وقد يكون الإعلان محاولة لتصوير نافالنى كمناضل حقيقي ضد الفساد (ولا يوجد مناضل حقيقي بلا أعداء) ولكن تعرض مدونة نافالني للهجوم بواسطة هذه التعليقات هي مشكلة حقيقية ومقنعة وتوضح أن الروبوتات البشرية أسلوب جديد (كانت مبرمجة قبل هذا) على RuNet. وفي بعض الأحيان يثبت هذا الأسلوب فعاليته في خلق “ضجة” حول موضوع ما.

الحملة المخزية التي بدأت مؤخراً ضد اليابان هي مثال على إمكانية خلق قضية من الفراغ، فبعد أن شهد العالم الآثار المدمرة لإعصار تسونامي والزلازل في مفاعل فوكوشيما النووي، نشر العديد من المدونين نسخة مصورة من جريدة يابانية قديمة تتحدث – على حد زعمهم – عن كارثة تشيرنوبل عام 1986. وفقاً لكلام هؤلاء المدونين فالصحيفة تصف السوفييتين بأنهم “همج يجب منعهم من الإقتراب من الطاقة النووية” وتتفاخر “باستحالة وقوع مثل هذه الكارثة في اليابان.” مئات المدونين علقوا على هذا الخبر، وصدقه كثيرون، ويبدو أن الأمر تم تناقله بجدية وأصبح من أهم المواضيع على ساحة الإنترنت الروسي.

لم يتطلب الأمر أكثر من شخص يجيد اللغة اليابانية لترجمة عناوين الصحيفة: “تبني قانون روسي جديد في اجتماع البرلمان الروسي،” “مساندة مشروع الرئيس،” “حوار مع رئيس اللجنة الروسية العليا سوكولوف.” وبالطبع لم يرد ذكر تشيرنوبل أو أي شئ يتعلق به.

المدون دروجوي نشر النسخة المترجمة ولم يمض طويلاً حتى بدأ هجوم الروبوتات البشرية المشين.

هذا كله يبيبن الأساليب المعقدة التي تلجأ إليها قوى معينة للسيطرة على شبكة الإنترنت، الروبوتات البشرية في روسيا أكثر فعالية من الأسلوب المبرمج القديم، فهؤلاء لديهم قلوب وعقول، ردودهم منطقية وقوتهم تزداد بزيادة عددهم. فكرة “ spinternet” لإيفجني موروزوف قابلة للتطبيق الآن مع استمرار إنتشار عملية ترويج الأفكار على الإنترنت في روسيا. على الإنترنت لا أحد يعلم أنك كلب ولكن يبدو أن الكلاب أرقي أخلاقاً من بعض القوى التي تحاول خداع الناس وإضعاف تأثير شبكة الإنترنت كأداة لبناء مجتمع أفضل.

مصادر

[عدل]