نشطاء الصحراء الغربية في مواجهة التهديدات القانونية
الجمعة 16 فبراير 2018
غالباً ما تُوصف المغرب من قبل المدافعين عن حرية الإعلام وحقوق الإنسان بتمتُعها بأرضية مواتية نسبياً لحرية الإعلام، وذلك على نقيض الأنظمة القمعية والديكتاتورية الأخرى في الجوار، مثل مصر وموريتانيا. إلا أن تلك التقديرات التي تفتقد للموضوعية غائبة تماماً في الأراضي المحتلة في الصحراء الغربية.
ففي بيئة عسکرية تشوبها الرقابة الشرسة علی الإعلام والإبلاغ عن المواطنين، فإن القليل من القصص عن الصحراء الغربية تصل إلى الجماهير خارج المنطقة. ويواجه الصحفيون المحليون والناشطون الإعلاميون الذين يغطون الاحتلال والانتهاكات المغربية عقبات قانونية ويخاطرون بالتعرض لعقوبات سجنٍ طويلة من أجل إسماع أصواتهم.
وجدت إيكيب ميديا نفسها على حافة هذا التشرذم. وإيكيب ميديا هي مجموعة تعمل على رصد انتهاكات حقوق الإنسان عبر الفيديو وبشكل رئيسي الانتهاكات التي ترتكبها القوات المغربية في الإقليم.
وقد أصدر الفريق الإعلامي الصحراوي مؤخراً أول فيلم وثائقي له بالتعاون مع مجموعة إنتاج سويدية. ويتناول الوثائقي المسمى 3 كاميرات مسروقة نضال الفريق الإعلامي في التوثيق والإبلاغ عن الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية.
يقول أحمد الطنجي المؤسس المشارك في إيكيب ميديا: “يتمثل هدفنا في إظهار مدى سلميتنا”. وأضاف: “إننا نناضل من أجل قضيتنا بدون استخدام العنف وعلى العالم معرفة ذلك”.
حالياً، يقبع العديد من الصحفيين الصحراويين، الذين عملوا مع إيكيب ميديا، خلف القضبان بسبب أنشطة عملهم، بما في ذلك تغطيتهم لاحتجاجات اكديم إيزيك بالفيديو عام 2010.
«النص الأصلي:Western Sahara: A Disputed Territory
The conflict in Western Sahara dates back to 1975 when the former colonial power Spain withdrew from the sparsely-populated territory and joint forces from neighbouring Mauritania and Morocco moved in to take control. While Mauritania eventually withdrew from Western Sahara, Moroccan forces to date still control what is sometimes referred to as ‘’Africa’s last colony’’.
For 16 years, the rebel group known as the Polisario Front fought a guerilla war for independence against Morocco, before a UN brokered ceasefire came into effect in 1991. The UN recognizes the Polisario Front as a legitimate representative of the Sahrawi people, a mixed ethnic group that lives mainly in Western Sahara and Mauritania.»
«النص الأصلي:الصحراء الغربية: إقليم متنازع عليه
يعود النزاع في الصحراء الغربية إلى عام 1975 عندما انسحبت القوة الاستعمارية الإسبانية من الأراضي ذات الكثافة السكانية المنخفضة، وانتقلت قوات مشتركة من موريتانيا والمغرب للسيطرة على هذه الأراضي. وفي نهاية المطاف انسحبت موريتانيا من الصحراء الغربية إلا أن القوات المغربية ما زالت تسيطر حتى الآن على ما يشار إليه أحيانا باسم “مستعمرة أفريقيا الأخيرة”.
على مدى 16 عام، خاضت جماعة المتمردين، المعروفة باسم جبهة البوليساريو، حرب عصابات ضد المغرب من أجل الاستقلال. قبل بدء اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة عام 1991. وتعترف الأمم المتحدة بجبهة البوليساريو كممثل شرعي للشعب الصحراوي، وتُعرفهم بأنهم مجموعة إثنية مختلطة تعيش بشكل رئيسي في الصحراء الغربية وموريتانيا.»
احتجاجات اكديم إيزيك
في أواخر عام 2010، وقبل أسابيع قليلة من اندلاع الانتفاضات العربية في المنطقة، شهدت الصحراء الغربية انتفاضة مدنية سلمية كبيرة ضد الاحتلال. وأصبحت الانتفاضة تُعرف باسم اكديم إيزيك وهي المنطقة الصحراوية التي جرت فيها الإنتفاضة.
خرج آلاف الصحراويين من منازلهم للانضمام إلى ما أصبح في ما بعد مدينة من الخيم ذات الحكم الذاتي، وقد سيطروا على الأرض نحو شهر تقريباً قبل أن تفرقهم القوات المغربية بعنف وتحرق مخيمهم.
بالنسبة إلى العالم، فإنه قد يكون حدثاً منسياً ومطموساً، إلا أن اكديم إيزيك بالنسبة إلى التاريخ الحديث للصحراء الغربية يعد حدثاً مهماً إذ أعاد تنشيط حركة الاستقلال المدني.
وقد حدثت أعمال شغب بعد فض وإخلاء اكديم إيزيك نتج عنها العديد من الوفيات والإصابات والتي يلوم عليها كل طرف من الأطراف المتنازعة الآخر. وتقول الرواية الرسمية للسلطات المغربية أن اثنين من المتظاهرين و11 من رجال الشرطة والأمن قد قتلوا أثناء تأدية واجبهم. وتقدم مصادر أخرى أرقام مختلفة وهويات مختلفة.
يلقي تقرير سهارى دوكس الضوء على عواقب الحدث بالنسبة للمتظاهرين:
«النص الأصلي:[The eviction of Gdeim Izik] caused for hundreds of victims among protesters, and some deaths among Moroccan ranks; eleven of them according to Moroccan sources. Some died on the field, while some others did so in hospitals, but as a consequence of their wounds.»
«النص الأصلي:تسبب [فض وإخلاء اكديم إيزيك] في وقوع مئات الضحايا بين المتظاهرين، وبعض الوفيات بين صفوف الأمن المغربي؛ أحد عشر منها بحسب مصادر مغربية. توفي بعضهم في الميدان، وبعضهم في المستشفيات، كنتيجة لجراحهم.»
جعلت إيكيب ميديا من مهمتها توثيق الحركة نظراً لقلة عدد الأشخاص الذين كانوا يفعلون ذلك. وتدفع إيكيب ميديا بالإضافة إلى شبكة صغيرة من الناشطين في مجال الإعلام ثمناً باهظاً نتيجة لذلك.
جرت محاكمة أربعة من الناشطين الإعلاميين – حسنة عليا، بشير الخدا، حسان الداه، وعبد الله لخفاوني – المنتسبين إلى إيكيب ميديا وشبكات مماثلة من شبكات الصحافة الشعبية وهم من بين 25 ناشط صحراوي حُكِموا بسبب أدوارهم في حركة احتجاج اكديم إيزيك.
وقد حُكِمَ على لخفاوني، الذي اعتُقِلَ في 12 تشرين الثاني / نوفمبر 2010، بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بـ “الانتماء إلى عصابة إجرامية” و “استخدام العنف ضد أحد أفراد الأمن مما أدى لوفاته، عن عمد”. و”عصابة إجرامية” هو المصطلح الشائع الذي تستخدمه السلطات المغربية لوصف الجماعات الناشطة في هذه المنطقة.
قُبِضَ على الخدا والداه في مقهى بالعيون، بعد شهر تقريباً من تفكيك مخيم الاحتجاج. وفي حين حصل الخدا على حكم بالسجن عشرين عاماً لقيامه بـ “الدخول في اتفاق إجرامي” و “التورط في استخدام العنف ضد أحد أفراد قوات الأمن مما أدى إلى موته، عن عمد”، حصل الداه على حكم بالسجن ثلاثين عاماً بسبب “عضويته في عصابة إجرامية، والتورط في استخدام العنف ضد أحد أفراد قوات الأمن مما أدى إلى موته، عن عمد “. بالإضافة إلى مشاركته في إيكيب ميديا، إذ كان الداه مراسل لمحطة التلفزيون الرسمية بوليساريو (رصد-تي في).
في عام 2013، نُظِرَ في قضية حسنة عليا عضو إيكيب ميديا وأُدين غيابياً بتهمة مبهمة، وحُكِمَ عليه بالسجن المؤبد. وهو حالياً منفي في إسبانيا حيث مُنِحَ حق اللجوء قبل المحاكمة. لم يظهر عليا ضمن المتهمين في إعادة المحاكمة عام 2017.
وتعليقاً على هذه القضايا، قال الطنجي لموقع أصوات عالمية:
«النص الأصلي:When our members are put on trial we are never charged with violating the press code, but always some made-up accusations of us assaulting the police or something like that. Foreign journalists are kicked out, Moroccan journalists know the law and keep their mouths shut and us Sahrawis are treated in the worst way possible.»
«النص الأصلي:عندما يُحَاكَم أعضاؤنا، فإنهم لا يُتَهمون بانتهاك قانون الصحافة، ولكن دائماً ما تكون الاتهامات الملفقة الموجهة لهم هي الاعتداء على الشرطة أو شيء من هذا القبيل. يُطَرد الصحفيون الأجانب، ويعرف الصحفيون المغاربة القانون فيُغلِقون أفواههم، ويُعَامَل الصحراويين أسوأ معاملة.»
محاكمة اكديم إيزيك
اتهمت السلطات المغربية 25 ناشطاً من حركة احتجاج اكديم إيزيك بارتكاب أعمال عنف في الاشتباكات التي اندلعت عندما فضت قوات الأمن المغربية مخيم الاحتجاج في 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2010.
وأفادت مصادر رسمية أن 11 من ضباط الأمن المغاربة واثنين من الصحراويين لقوا مصرعهم في تلك الاشتباكات. إلا أن هيومن رايتس ووتش و منظمة العفو الدولية و المراقبين الدوليين يقولون إن المُحاكمة ظالمة بسبب الاعترافات القسرية التي حُصِلَ عليها عن طريق التعذيب. ولم تستجب السلطات المغربية لدعوات الجماعات الحقوقية للتحقيق في تلك المزاعم بوجود تعذيب. وفي آذار / مارس 2013، وبعد أكثر من عامين من الاحتجاز السابق للمحاكمة، حكمت محكمة عسكرية على النشطاء بالسجن لمدة تتراوح بين عامين والسجن مدى الحياة.
وفي عام 2016، وبعد تغيير المغرب لقانونها للعدالة العسكرية بهدف منع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، أمرت محكمة النقض بإعادة المحاكمة أمام محكمة مدنية. وفي 19 تموز / يوليو 2017، أصدرت محكمة الاستئناف حكماً أيدت فيه معظم الأحكام التي سبق أن أعلنتها محكمة الرباط العسكرية.
ويقبع مشارك آخر في إيكيب ميديا أيضاً في السجن حالياً، مع أنه ليست له علاقة باحتجاجات اكديم إيزيك، وهو محمد البمباري، والذي يقضي حالياً عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات لقيامه بتغطية الاحتجاجات التي تحولت إلى عنف في مدينة الداخلة في سبتمبر / أيلول 2011.
وتتهم الحكومة المغربية بمباري بالمشاركة في أعمال العنف في عدد من التهم منها: “ارتكاب العنف ضد موظفين حكوميين” و “قطع الطريق العام” و “تشكيل عصابة إجرامية”. ومع أن الأحداث التي اتُهِمَ بها بمباري حدثت في 2011، إلا أنه لم يُقبَض عليه قبل أغسطس / آب 2015 عندما ذهب إلى مركز الشرطة في مدينة الداخلة لتجديد بطاقة هويته.
إذا كنت لا تستطيع تحدي “السلامة الإقليمية”، كيف يمكنك العمل بالصحافة؟
يًجرِم قانون الصحافة المغربي لعام 2016 أي تعبير قد يُعرض “السلامة الإقليمية” للمملكة للخطر. ويمكن لوسائل الإعلام المطبوعة التي تُتَهم بتقويض “وحدة الأراضي” المغربية أن تواجه التعليق بينما يمكن حظر المواقع الإخبارية وفقاً للمادتين 71 و 104 من قانون الصحافة. ومن ثم فإن أي نقاش أو تحقيق يتعلق بالموضوع وأية أنشطة صحفية مستقلة تُجرى في الصحراء الغربية تُعد انتهاكات يمكن أن تُعرّض صاحبها لحكم بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين بالإضافة إلى غرامة وذلك بموجب تعديلات قانون العقوبات لعام 2016.
ولكن في هذا السياق، إذ تُجرَم أية تغطية إعلامية تتحدى “السلامة الإقليمية” للدولة المغربية، يصبح الخط الفاصل بين الصحفيين والنشطاء مبهماً. وعليه، فإنه يمكن القول بأن المجموعات الإعلامية الشعبية والناشطة مثل إيكيب ميديا، والتي تعمل على قضية تقرير مصير الصحراء الغربية وحرية التعبير في آن واحد، تقوم بعمل جريء وخطير.
ومع أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بوساطة الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو، منذ عام 1991 إلا أنه لم تجر تسوية للنزاع على الإطلاق. وفي الوقت الذي بدأ فيه تركيز القوى المقاوِمة في الصحراء الغربية يحيد بعيداً عن مقاتلي حرب العصابات في الصحراء إلى السكان المدنيين الصحراويين في المدن المحتلة، فقد بدأت بيئة من الإعلام الخفي بالتشكل.
الإهمال الدولي للقضية الصحراوية
بالرغم من جهود جماعات مثل إيكيب وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام المستقل، فإنه لا تزال هناك لا مبالاة دولية تجاه نزاع الصحراء الغربية. ثم إن الدعاية المغربية تتلاعب بالقضية عن طريق الصمت، وهو توجه يقضي بالإجماع الوطني على أن “الصحراء المغربية” ليست قضية.
يقول أحمد: “يدفعون بالصورة التي توحي بأنه لا توجد مشاكل هنا”. ويضيف: “كلما ظهرت المقاومة على السطح، قالوا أننا أقلية من مثيري الشغب والمجرمين والعملاء الأجانب (جزائريين)”.
عندما حدث اكديم إيزيك وبدأت الأخبار في الانتشار، زيفت وسائل الإعلام المغربية تلك الاحتجاجات على الفور وجعلت منها احتجاجات على البطالة والمصاعب الاقتصادية، ولم يكن هناك أية إشارة حتى ولو صغيرة على وجود احتجاج ضد الاحتلال العسكري. ولما كان من الصعب جداً على الصحفيين الأجانب زيارة الإقليم وإرسال التقارير منه، فإن وسائل الإعلام الأجنبية غالبا ما تلجأ إلى إعادة طبع ما يظهر في الصحافة المغربية.
ويسارع أحمد إلى التأكيد على أن العديد من الحكومات في أوروبا، وأهمها القوى الاستعمارية السابقة في إسبانيا وفرنسا، تتواطأ مباشرة وتستثمر في هذا الاحتلال.
«النص الأصلي:What our group tries to do is to fix the spotlight on this place, the last remaining colony in Africa and we are simply asking to be free. But [Spain and France] continue to put economic interests ahead of our human rights. They just don’t care.»
«النص الأصلي:تحاول مجموعتنا تسليط الضوء على هذا المكان، وهو آخر مستعمرة متبقية في أفريقيا، ونحن نطلب ببساطة أن نكون أحراراً. ولكن [إسبانيا وفرنسا] تواصلان وضع المصالح الاقتصادية كأولوية قبل حقوق الإنسان. إنهم ببساطة لا يهتمون.»
مصادر
[عدل]- نص مؤلف ومترجم برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 3.0 غير موطَّنة (CC BY 3.0). «نشطاء الصحراء الغربية في مواجهة التهديدات القانونية.». الأصوات العالمية. 16 فبراير - شباط 2018.
شارك الخبر:
|