ربما تكون الحرب السورية الأكثر توثيقًا في التاريخ – ومع ذلك لا نعرف عنها سوى القليل

من ويكي الأخبار

الأثنين 2 يناير 2017


نتابع تغريدات بانة العابد (7 سنوات) ووالدتها، و آخر الرسائل من النشطاء والمقاتلين كانت حول انتظارهم الاستسلام أو الموت، بينما نسعى للتحقق من هجوم بالأسلحة الكيميائية والروايات المتضاربة حول قصف المستشفيات، في الوقت نفسه الذي نحاول فيه معرفة إذا ما كانت هذه المعلومات تتلاقى مع وجهات النظر الدولية أم لا.

قد تكون الحرب الأهلية السورية الحرب الأكثر توثيقًا في التاريخ. ملايين الصور والفيديوهات والمقالات والتغريدات والتسجيلات الصوتية عن الحرب، والحياة التي ما تزال مستمرة في سوريا رغم الحرب، وكذلك أزمة اللاجئين الناتجة عنها. وسائل الإعلام والتي – أنشئت بواسطة صحفيين ومواطنين عاديين، وناشطين، ومقاتلين، وضحايا – هي نتاج ثقافة التشاركية الإعلامية وطغيان التوثيق الرقمي [الإلكتروني] وانعكاسات ذلك على معظم مفاصل الحياة المعاصرة.

كان لدى سوريا قُبَيل الحرب تكنولوجيا اتصالات تنمو بشكل قوي ومتوازن، مع إمكانية الوصول لشبكات الإعلام الجماعي والقنوات الفضائية والولوج للإنترنت واستخدام البيانات المتنقلة. أعطت إمكانية الوصول لهذه التقنيات السوريين الأدوات للتواصل فيما بينهم وللتواصل مع بقية العالم على حدٍّ سواء. بقي ما يكفي من تلك الشبكات للسماح للناس في مناطق النزاع لمواصلة مشاركة البيانات. على الرغم من الحرب (أو ربّما بسبب الحرب) الإعلام المدني السوري ومع زيادة المهارات والمعارف كان قناة التواصل الرئيسية لتوثيق الحرب.

لكن الوصول إلى المعلومات الضخمة المحفوظة على الشبكة حول الحرب، لا يضمن أن تكون تلك المعلومات مهيّأة ومُقَدّمة بطرق تتلاءم مع مستوى تطلّعاتنا للتقارير عن الحرب. وذلك لأنّ المعلومات في النزاعات الحديثة ببساطة ليست الإبلاغ بنزاهة عن الحقائق كما تحدث، وبدلاً من ذلك فإنّ المعلومات المقدّمة من طرفٍ ما هي إلا جزء من المعركة وهي تعرض وجهة نظر ذاك الطرف، وهذا بدوره سيشكّل آراء حول: من هو المحقّ، والصادق، ومن يستحق الدعم السياسي، أو المساعدات، ومن الذي سيكون هدفاً للهجوم.

كانت المعلومات والتلاعب بها عنصرًا استراتيجيًا وحيويًا في هذا الصراع. وأصبحت السيطرة على المعلومات سلاحًا. استهدف الجيش الإلكتروني السوري وهي قوة شبه حكومية تدعم نظام الأسد، في الأيام الأولى للصراع الناشطين بهجمات “ الحرمان من الخدمة” DDoS، وبرمجيات الاختراق والتجسس، وفي الوقت نفسه استهدف نظام الأسد وداعش الصحفيين بسبب ممارستهم المهنة.

تمكنت داعش من تغيير مسار الحرب عبر الاستخدام المركّز والوحشي للعنف خاصّة في توثيق ذبح الصحفيين الغربيين وتقديم تلك الفيديوهات عبر القنوات الإعلامية.

تشويه المعلومات في الحرب لا يحدث بسهولة، حيث يساهم المقاتلون بشكل استراتيجي في محاولات خلط الحقائق حول خصومهم.

في مواجهة قوى التضليل، فإنّ إيجاد وبناء رواية مترابطة حول الحرب يشكّل تحدّيًا هائلاً، ونحن نعرف الآن مبادئ وأساليب ترتيب وتنظيم الأولويّات والتحقق من المعلومات القادمة من سوريا، يمكننا تأكيد الحقائق وإثبات الأدلة من خلال تحليل دقيق، ومع تقنيات الأدلة الجنائية الإعلاميّة مثل البحث العكسي عن الصور [البحث عن أصل صورة موجودة لدينا] ، وتحديد الموقع الجغرافي، وتحليل البيانات الأوليّة. يمكننا بناء علاقات وصداقات وثيقة مع زملاء وأصدقاء ومصادر على مقربة من الصراع.

يمكننا أن نعرف الكثير عن هذه الحرب، لكن ببساطة مجرّد معرفة الحقائق لا يكفي لتغيير مسارها. شرح الحقائق لا يؤثّر بالضرورة على مسار الأحداث. هذه هي الخلاصة لفهم القوة وحدودها.

نُشر هذا المقال هنا بواسطة شريك الأصوات العالمية، الراديو الدولي العام.

مصادر[عدل]