أي شيء يخدش الحياء العام في الأردن

من ويكي الأخبار

الأحد 17 يناير 2016


نشر الموضوع لأول مرة على موقع رصيف22، وتعيد الأصوات العالمية نشره باتفاق مع الموقع

«النص الأصلي:نادين نمري»

بذريعة “خدش الحياء العام” أصبحت الحرية الشخصية في الأردن عُرضةً للقمع والانتهاك لتصل في غالب الأحيان إلى حد الاغتيال وتشويه السمعة. وشكّل “خدش الحياء العام” المصطلح الأبرز خلال الأشهر القليلة الماضية، بعدما تكرر عقب عدد من الأحداث، التي أثارت الرأي العام المحلي، وتجاوز بعضها المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي ليصل إلى أروقة القضاء.

أبرز تلك الأحداث التي تناقلها أردنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيديو لشاب يُقبّل صديقته بعفوية في الشارع العام.

بعد تلك الحادثة بفترة قصيرة، ظهر فيديو آخر لشاب يتقدّم لخطبة حبيبته أمام مبنى الجامعة التي تدرس فيها. لقي الفيديو الهجوم والانتقاد نفسيهما، ووصل الأمر حد تشكيل إدارة الجامعة لجنة تحقيق للبحث في ما إذا كان سلوك الشاب والفتاة انتهاكاً لقوانين الجامعة والآداب العامة أم لا.

شاب وفتاة يخدشان الحياء العام في شارع الوكالات على يوتيوب

ويوضح أن “هذه الاتهامات لا تطال الأفراد العاديين وحدهم، إنما تمتد إلى المؤسسات والشخصيات العامة. في هذه الحالات، غالباً ما يكون هناك أهداف وراء هذه الإساءة والمبالغة في الفعل، كالنيل من الشخصية العامة أو الاضرار بمصالح مؤسسة معينة”.

وتشكل قضية تلفزيون رؤيا نموذجاً للحالات التي تمت بها الإساءة لمؤسسة استثمارية ضخمة في الأردن. فقد تعمدت القناة، التي يمتلكها أحد أكبر رجال الأعمال الأردنيين في سبتمبر الماضي، بث مقطع ضمن برنامج كوميدي ساخر، تناول البرامج المخصصة للأطفال. وفي الحال تعرضت القناة لهجوم كبير هذه المرة، ليس من رواد مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، إنما من وسائل إعلامية مطبوعة وإلكترونية، والتهمة كانت أيضاً “خدش الحياء العام”.

الفقرة موضوع الاتهام، تتحدث عن فتاة تروي قصة للأطفال، لكنها بعد قراءة أسطر قليلة تكتشف أن القصة غير مناسبة وتحوي إيحاءات جنسية. لكن إدارة القناة أكّدت أن الفقرة بُثّت في ساعة متأخرة من الليل، في برنامج منوعات، وتهدف إلى توعية الأهالي من خطورة ما قد يتعرّض له أطفالهم من مفاهيم لا تتناسب مع أعمارهم في برامج الأطفال. إلا أن تبرير القناة لم يكن مقبولاً لدى الغالبية. وتفاقمت التبعات إلى حدّ إصدار هيئة الإعلام بياناً اعتبرت فيه أن “المقطع خادش للحياء، ولم يراعِ الأنظمة والقوانين”. وعقب ذلك، أحالت الهيئة القناة التلفزيونية إلى القضاء وعملت على إيقاف البرنامج.

علماً أن أعضاء مجلس النواب لم يسلموا كذلك من اتهامات خدش الحياء العام. فنهاية العام الماضي، أقام النائب حازم قشوع مأدبة عشاء على شرف السفيرة الأمريكية في عمان أيليز ويلز، وتعرض لنقد قاس بعد تسريب صور له وهو يصافح السفيرة ويقبّل وجنتيها، في ما طلب البعض محاسبته أمام مجلس النواب. غزا هذا الخبر معظم المواقع الإلكترونية الإخبارية وزاحم الأخبار المهمة.

يقول شما: “الإعلام هنا أيضاً ليس بريئاً، فهو الذي يجاري التهويل في اغتيال الشخصية والإساءة للأفراد عن طريق طرح سلوكيات على أنها خادشة للحياء العام، إما بهدف جلب عدد أكبر من المتابعين أو لأهداف واعتبارات سياسية معينة”. ويشير شما في هذا السياق إلى الإساءة الكبيرة التي تعرّضت لها الشابة نداء شرارة، التي فازت في برنامج The Voice، إذ باتت مادة إعلامية دسمة، إذ تعرضت لانتقادات شديدة ولاذعة، باعتبار أنها تسيء للحجاب لأنها تغني وهي محجبة، وتجاوزت الاتهامات هنا خدش الحياء العام إلى اتهامها بالإساءة لصورة الإسلام والمرأة المحجبة.

ودفع الانتقاد القاسي الذي تعرضت له شرارة بمروان المعشر، نائب رئيس وزراء سابق إلى كتابة مقال للدفاع عن شرارة وحريتها في اختيار الحجاب والغناء في الوقت نفسه.

ويقول المعشر في مقالته إن الانتقادات التي تعرضت لها شرارة تدل على ثقافة خطيرة تتغلغل في مجتمعنا. فإضافة إلى ما توحيه هذه الاعتراضات، من أن الغناء مخالف للدين أو للمصلحة العامة، وأن القيام به مع ارتداء الحجاب يشكل انتقاصاً للقيم والأخلاق ومخالفة للدين، فإنها تشير إلى أخطر من ذلك، وهذا ثقافة إقصائية ترفض أي ممارسة لا تتفق مع مفهوم البعض للدين، وتشيطن كل من يقوم بها. ويضيف أن “غياب ثقافة تقبّل التنوع في المجتمع واحترام الاختيارات الشخصية للآخرين، أوصل البعض لأن ينصّب نفسه وصياً على الدين والأخلاق والمجتمع، يحرّم ويحلّل كما يشاء! ثقافة تقزيم الآخر خطيرة جداً إن بقينا نسمح لها بالتمدد من دون مواجهتها بكل صراحة وشجاعة، لأنها تؤدي لانغلاق المجتمع، ولا ازدهار مع التقوقع، ولا ابتكار مع العصبية”.

وختم شما أن “أكثر الجوانب خطورة هي تلك المتعلقة بردة فعل المؤسسات الرسمية”، واصفاً ردود الفعل تلك بـ”الانتقائية”. ويقول إن “الجهات الأمنية تعمل على توقيف شاب بتهمة تقبيل حبيبته، لكن بالمقابل هل جرى توقيف أي من دعاة الكراهية، الذين يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأفكار الكراهية والفتنة؟”.

مصادر[عدل]